التفاسير

< >
عرض

عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً
٦
يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً
٧
-الإنسان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ عَيْناً } بدل من كافور ان جعل اسم ماء أو اسم عين ويجوز مطلقا جعله بدلا من لفظ كاس على المحل بناء على جواز النصب على نزع الخافض في السعة بلا شذوذ فيكون الاتباع على محل يظهر في الفصيح او بناء على جواز اتباع محل لا يظهر فيه او بدل من قوله من كأس بناء على أن محل النصب للجار او المجرور معاً ويقدر مضاف اي ماء عين أو خمر عين ويجوز نصبه على المفعولية بمحذوف اي أعني عينا أو بمحذوف دل عليه قوله *{ يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ } أي يقصدون عيناً أو يردونها على الاشتغال مثل زيدا مررت به قال ابن هشام الباء للتبعيض أي منها والظاهر أنها للاصاق وتصح للابتداء وتصح للمصاحبة، كقولك شربت الماء بالعسل وتصح الزيادة.
قال ابن هشام أو مفعول لمحذوف على حذف مضاف أي يشربون ماء عين وأجاز بعضهم كونه حالا منها في مزاجها وفيه بعد انتهى وعن بعضهم يشرب ممزوجاً بها وعباد الله هم الأبرار المذكورون أعادهم يعنون العبودية تعظيما لهم وقيل هم الأولياء قال الواسطي لما اختلفت أحوالهم في الدنيا اختلفت أشربتهم في الآخرة { يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } أي يجرونها إجراء سهلا حيث أرادوا تحت أو فوق من منازلهم وقيل عين في دار النبي صلى الله عليه وسلم تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين وعن بعضهم ينقر باصبعه حيث أراد فيخرج الماء أو غيره مما أراد واستأنف بيان ما رزوقوا ذلك لاجله بقوله *{ يُوفُونَ } أي الأبرار *{ بِالنَّذْرِ } بما أوجبوه على أنفسهم من الطاعة وليس بواجب فمن وفى بما أوجبه على نفسه كان أوفى بما أوجب الله عليه ابتداء فذلك وصف بليغ لهم والجملة استئناف بياني وفيها دليل على وجوب الوفاء بنذر الطاعة.
كان يقول لله علي صوم كذا أو صلاة كذا أو غير ذلك إن شفي مريضي أو فرج الله عني أو نحو ذلك واستفتى سعيد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نذر على امه ماتت ولم تقضه فأمره بقضائه لها ومن لم يف لزمته كفارة يمين، وعنه صلى الله عليه وسلم
"لا نذر في معصية الله ومن نذر معصية وجب عليه أن لا يفي بها وتركها كفارة النذر" وقيل تلزمه كفارة النذر، ومن لم يعلق لشيء قيل لا يجب عليه الوفاء وقيل يجب، وقيل كفارة النذر صوم عشرة أو إطعام مثلها، وقيل صوم ثلاثة أو إطعام عشرة وقيل مغلظة، وقيل أن لم يعلق ولم يقض لزمته كفارة يمين، وقيل ان لم يقل الله عليّ فلا نذر وإن لم يقل لله صام يوما أو يومين أو اطعم مسكينا أو مسكينين ان حنث وإن قال اللهم افعل لي كذا وأنا أفعل ولم يفعل كذا لزمته كفارة النذر ومن نذر أن يعتكف في معين فمنع بهدم أو غيره فلا عليه. وقيل عليه للرسلة وقيل قدر المؤنة ومشقة الاعتكاف للفقراء وقيل لهم الخيار.
ومن نذر أن يعطي لفلان الفقير ان وقع كذا ووقع وقد مات الفقير أعطى الفقراء أو وارث الفقير ولا كفارة عليه حيث لم يعط له لعدمه. قيل الوجوب وقيل تلزمه وقيل بالوقف ومن نذر ما يستطيعه فلا شيء وقيل كفارة نذر ومن نذر الصلاة في مائة مسجد صلى في واحد عدد ما نذر، وقيل يحط عددها في واحد ويصلي ما نذر وإن لم يعين كم يصلي صلى لكل واحد ركعتين وإن عين المساجد ولم يصل فيها أطعم مسكينا أو ضعفه كفارة لنذره وصلى حيث شاء. وإن قال في نذره يوم يقدم فلان فقدم ليلا لزمه نذره وصلى إن أطلق نواه وإن نوى النهار لم يلزمه وإن قال عليّ صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم نهارا صام يوما بدله، وقيل لا ولا نذر فيما لا يستطاع ولا فيما لا يملك وتلزمه الكفارة، وقيل لا ومن نذر صوم أيام ولياليها صام الايام فقط. وقيل يبدل الليالي اياماً أيضا وقبل يبدلها كفارة يمين ومن نذر أن يصوم شهراً ولا يتكلم أو نحو ذلك من المباح تكلم ولا عليه وقيل يطعم مسكينا أو مسكينين *{ وَيَخَافُونَ يَوْماً } مفعول به *{ كَانَ شَرُّهُ } اي الشر الواقع فيه. *{ مُسْتَطِيراً } ممتداً منتشراً غاية الانتشار فاشيا يقال استطار الحريق والحر وهو مزيد طار للمبالغة كنفر واستنفر وفي ذلك دليل على حسن عقيدتهم واجتناب المعاصي.
وعن بعضهم استطار خوف ذلك اليوم في السماوات والاراضي وأهلها أعداء وأولياء تنشق السنوات تتناثر الكواكب وكورت الشمس والقمر وتزلزلت الأرض وطارت الجبال وغار الماء وكسر كل شيء على الأرض وانشق من جبل وبناء وإناء.