التفاسير

< >
عرض

كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ
٣٣
-المرسلات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ كَأَنَّهُ جِمَٰلتٌ } جمع جمال أو جمالة جمعي جمل فهو جمع الجمع كرجال ورجالات وأقوال وأقاويل، واكلب وأكالب هذا تفسير الجمهور، وقال ابن عباس حبال السفن تجمع فتكون كاوسط الجمال مستديرة وقيل النوق وقرئ جماله بالضم ونسب لابن عباس وهي حبل السفينة وقرأ يعقوب ورويس جمالات بالضم وهي حبالها وقيل فلوس الجسور وقرأ حمزة والكسائي جمالة بالكسر بمعنى الجمال وقيل الجملات بالكسر السفن قيل شبهت بالقصور ثم بالجمال لبيان التشبيه الا تراهم يشبهون الابل باللمفدان والمجادل { صُفْرٌ } فإن الشرر لما فيه من النارية يكون أصفر وقيل المعنى سود تضرب الى الصفرة.
قال عمران بن حطان:

دعتهم باعلى صوتها ورمتهم بمثل الجمار الصفر نزاعة الشوى

وقال ابو العلاء المعري:

حمراء ساطعة الذوايب كالدجا ترفي بكل شرارة كطراف

فشبهها بالطرف وهو يبت الادم في العظم والحمرة وكأنه قصد بخبثه ان يزيد على تشبيه القرآن وتحجه بما سؤل له من توهم الزيادة جاء في صدر بيته بقوله حمراء توطية لها ومناداة عليها وتنبها للسامعين على مكانها ولقد عمي جمع الله له عماء الدارين عن قوله عز وجل كأنه جمالات صفر فإنه بمنزلة قوله كبيت احمر لا بل ابلغ وعلى ان في التشبيه بالقصر وهو الحصن تشبيها من جهتين من جهة العظم ومن جهة الطول في الهواء وفي التشبيه بالجمالات وهي الفلوس تشبيه من ثلاث جهات من جهة الطعم والطوال والصفرة فابعد الله اغرابه في طرافه وما نفخ في شدقيه من استطرافه.
قال الزمخشري والاغراب الاتيان بما هو غريب قيل وشبهه ايضا بالجمال في الكثرة والتتابع والاختلاط وسرعة الحركة وأقول الظاهر الذي لا شك فيه ان الشرر اسرع من الجمل الا ان كان شرر نار الآخرة ليس كشرر نار الدنيا، وعن بعضهم ان صفر معناه سودوان سواد الابل يضرب الى الصفرة والعرب تسمي سواد الابل صفرا لانه الى صفرة وفي الحديث شرر نار جهنم اسود كالقيران وكذا النار نفسها لا ضوء لها والقير القار وهو القطران وقيل الصفر قطع النحاس وقيل هو على ظاهره من الصفرة الخالصة واختلف في الشرر فقيل مفرد وقيل جمع مفرد شرره وكذا الشرار مفرد أو جمع شراره.