التفاسير

< >
عرض

عُذْراً أَوْ نُذْراً
٦
-المرسلات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ عُذْراً } اي للاعذار وقيل عذرا للمحقين وعن بعض وإن المعنى تنزل به الملائكة تعذر به الله الى خلقه وقرئ بضم الذال { أو نذرا } اى للانذار وقيل لانذار المبطلين وقرأ يعقوب وحمزة وحفص باسكان الذال وقيل المرسلات الملائكة أرسلهم الله عرفا بمعروف من أمر ونهي والملائكة تعصف عصفا في طيرانهم ونزولهم كعصف الرياح في السرعة وتنشر أجنحتها إذا نزلوا الى الأرض.
وقيل ينشرون الكتب ودواوين الاعمال يوم القيامة، وتاتي بالفرق بين الحق والباطل وتلقي الكتب الى الانبياء والذكر جنس وقيل الملقيات جبريل جمع تعظيما والذكر القرآن واجيز أن يكون الذكر القرآن والملقيات الملائكة فانهم نسخوه من اللوح وقيل
{ { والمرسلات عرفا } آيات القرآن ونزلت متتابعة أو أنزلت بكل عرف اي خير وتعصف القلوب بذكر الوعيد وتنشر أنواع الهداية وأنوارها في قلوب المؤمنين وتفرق بين الحق والباطل وتلقي التذكر والتفكر والتخشع في قلوبهم ويجوز ان يراد بالمرسلات مثلا الملائكة وبالعاصفات الرياح وهكذا يراد بكل واحد ما لم يرد بالاخر أو يراد بواحد شيئان أو بأثنين أو أكثر واحد مثل ان يراد بالمرسلات والناشرات الملائكة وقيل المراد بذلك كله الرسل ويجوز أيضا ان يراد بواحد أو أكثر الرسل وبالباقي سواهم وممن فسر { { والمرسلات عرفا } بالرياح المتتابعة ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وقتادة وفسر ابن مسعود والحسن ومجاهد وقتادة الناشرات بالرياح تنشر رحمة الله ومطره.
وفسر ابن عباس الفارقات بالملائكة تفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام وبالملائكة فسر الجمهور الملقيات وقيل عرفا معناه أفضالا من الله وقيل أمرا بمعروف وقيل الرياح التي يعرفها الناس ويعهدونها، وقيل الملائكة تنشر الشرائع في الأرض أو تنشر النفوس الموتى بالجهل بما أوحي وقيل الآيات عصفن الشرائع والكتب بالنسخ ونشرن حكم الله شرقا وغربا وقيل
{ والمرسلات } رياح العذاب والناشرات رياح الرحمة والمطر وبهبوبها تتلقى القلوب التفكر أو المراد النفوس المرسلات الى الأبدان فعصفن ما سوى الحق ونشرن أثار ذلك في جميع الاعضاء ففرقن بين الحق والباطل ويرين كل شيء هالكا الا وجهه فاليقين ذكرا بحيث لا يكون في القلب واللسان الا ذكر الله.
وقيل معنى عذرا أنه يعذر التائب إذا رأى نعمة الله في الغيث فرجع لنفسه تائبا مستغفرا ونذراً معناه أنه ينذر الغافلين الذين ينسبون المطر للانواء وإن قلت إذا فسرنا المرسلات بملائكة العذاب فكيف يكونون هم أو ارسالهم معروفا قلت هم معروفون للانبياء والمؤمنين ولغيرهم فانهم قد سمعوا باهلاك الملائكة من طغى وإن قلت إذا فسرنا لفظا بالملائكة وآخر بالرياح فما انهم المناسبة بين الملائكة والرياح حتى جمعت في القسم قلت انهم في اللطافة والسرعة كالريح وإذا فسرنا عرفنا بالمعروف ضد الحرام فهو مفعول لاجله اي أمر بمعروف فبهذا التاويل اتحد فاعله وفاعل الارسال واتضحت المصدرية وإذا فسر بالافضال بكسر الهمزة فهو مفعول لاجله بلا تاويل وإذا فسر بالمعرفة فهو حال اي ارسلت وهي معروفة او ذات معرفة عرفها الناس أو مفعول مطلق اي ارسال عرف أو رسالا معروفا أو ذا عرف قال ابن هشام ان كانت المرسلات الملائكة والعرف المعروف فعرفا مفعول لاجله أو منصوب على نزع الخافض وهو الباء وإن كانت المرسلات الارواح أو الملائكة وعرفا بمعنى متتابعة فحال أو عذرا مفعول لاجله وبدل من ذكر وهو مصدر عذرا وجمع عذير بمعنى المعذرة ونذير بمعنى الانذار أو جمع نذير بمعنى الانذار وإذا جعلا جمعي عذير ونذير بمعنى عاذر وناذر فالنصب على الحالية وقرأهما ابو عمر وحمزة والكسائي بالاسكان.