التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً
١٨
-النبأ

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ } يوم بدل من يوم لا عطف بيان كما أجاز أن يوم الفصل معرفة ويوم ينفخ نكرة على ما اشتهر عند النحاة من أن الفعل وحده والجملة نكرتان والمعرفة لا تبين بالنكرة وأقول أجاز بعضهم بيان المعرفة بالنكرة والعكس والنكرة بالنكرة وبعد فإن إطلاق التنكير على الفعل أو الجملة لا يظهر وكذا التعريف نعم التحقيق أن نسبة الفعل أو الجملة إن كانت معهودة فهي في معنى المعرفة فعلى هذا صح جعل يوم بدلا من يوم لإضافته لجملة نسبة الفعل فيها معهودة فكأنه قيل يوم النفخ لا كما قيل أن نسبة ذلك نكرة أبدا كذا ظهر لي فتفطن ويجوز كونه مفعولا لأعني وفي الصور متعلق بينفخ على النيابة *{ فَتَأْتُونَ } من المقابر إلى الموقف *{ أفْوَاجاً } جماعات مختلفات، جماعة كالقرود وهم النمامون وجماعة كالخنازير وهم أهل السحت وجماعة منكسون يسحبون على وجوههم وهم أكلة الربا وجماعة عمي وهم الجائرون في الحكم وجماعة صم بكم وهم المعجبون بأعمالهم وجماعة يمضغون ألسنتهم فهي تدلى على صدورهم يسيل القيح من أفواههم بتقذرهم أهل الجمع وهم العلماء الذين خالف قولهم عملهم وجماعة مقطعة أيديهم وأرجلهم وهم المؤذون جيرانهم وجماعة مصلبون على جذوع من نار وهم الساعون بالناس الى السلطان وجماعة أشد نتنا من الجيف وهم التابعون للشهوات المانعون حق الله عز وجل وجماعة يلبسون ثيابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم وهم المتكبرون أهل الخيلاء وهؤلاء كلهم في هذه الأمة والسعداء منها على أحوال حسنة.
سأل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن الآية فسالت عييناه صلى الله عليه وسلم بالدموع فقال سألت عن عظيم فأجابه بما ذكر وقيل أفواجا أمما مع أئمتهم وفي قوله نمامون تغليب لأن المنكوس ومقطوع الرجلين لا يتأتى منه إتيان أو يقال يأتي زحفا وكذا المنكوس بل هذا أشد ولعل المراد بالإتيان الحضور.