التفاسير

< >
عرض

إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ
٢٢
-الأنفال

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إنَّ شرَّ الدَّوابِّ } كل ما يدب على الأرض كما هو أصل اللغة، أو البهائم كما هو العرف العام ولو عند العرب { عِنْدَ اللهِ } متعلق بنسبة الخبر إلى اسم إن لا بشر، ولو كان اسم تفضيل، لأنك إذا قلت أعلم الناس عندى زيد لا نريد الذى أوجد عندى العلم الزائد زيد { الصُّمُّ } عن الحق لا يسمعونه سماع قبول وانتفاع، فكأنهم لا يسمعون أصلا { البَكْم } عن النطق به، كأنهم لا يتكلمون أصلا { الَّذينَ لا يعْقلونَ } الحق ولا يميزون بينه وبين الباطل، مع أن فيهم آلة التمييز، لكن لم يعملوا بها، فهم شر من الدواب، كالكلب والخنزير، والفأر وغيرها والبقر، لتركهم العلم بما به فضلوا عنها.
ووجه التفضيل فى لفظ شر أن فى سائر الدواب خسة إذ لم يكن فيها مزية الإنسان فى هؤلاء الصم البكم خسة من حيث الكفر، وهذه الخسة أعظم من تلك، ويجوز خروج اسم التفضيل عن بابه، أى أن الذى هو الشرير من بين الدواب الصم البكم، ويجوز أن يراد بالشر المضرة مبالغة، وعليه فليس بوصف، والآية نزلت على العموم، وقيل: نزلت فى بنى عبد الدار بن قصى، لم يسلم منهم إلا رجلان: مصعب ابن عمير، وسويد بن حرملة، كانوا يقولون: نحن صم بكم فى ما جاء به محمد، نسمعه ولا نجيبه، فقتلوا جميعا يوم أحد، وكانوا أصحاب اللواء فيه إلا من أسلم وهو مصعب وسويد، والمراد طائفة من بنى عبد الدار لا جميعهم إذ لم يحضروا أحدا كلهم كما قال ابن عباس، هم نفر من بنى عبد الدار، وذكر ما مر، وقالت فرقة: هم المنافقون، وضعفه الطبرى، وقال الحسن: أهل الكتاب.