التفاسير

< >
عرض

كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ
٥
-الأنفال

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ كَما أخْرجَك ربُّكَ مِنْ بيْتِك بالحقِّ } قال ابن هشام ما حاصله: أن أبا عبيدة قال: الكاف حرف قسم، وما بمعنى الذى مستعملة فى العالم مثل: { والسماء وما بناها } أى والذى أخرجك وهو الله، وأن رابط الصلة ربك، وأن الكلام راجع إلى قوله: { الأنفال لله والرسول } ويرده أن الكاف لم تجئ بمعنى واو القسم، وأن ربط الموصول بالظاهر بابه الشعر، وأن قوله: { كما أخرجك } بعيد المسافة عن قوله: { الأنفال لله وللرسول } فإنه يقول: { الأنفال لله والرسول } دليل جواب القسم.
وقيل عنه: إن الدليل لهم درجات ومغفرة ورزق كريم، وروى عنه: أن الجواب يجادلونك، ويرده عدم توكيده، وأن ابن الشجرى شنع على مكى فى حكاية هذا القول وسكوته عنه، فلو أن قائلا قال: كالله لأفعلن لاستحق أن يبصق فى وجهه، وأنه قيل: الكاف اسم بمعنى مثل مبتدأ خبره فاتقوا الله، ويرده اقترانه بالفاء، وخلوه من رابط، وتباعد ما بينهما، وأنه قيل نعت مصدر محذوف، أى يجادلونك فى الحق الذى هو إخراجك من بيتك جدالا مثل جدال إخراجك، وما مصدرية.
ويرده أن فيه تشبيه الشئ بنفسه، وأنه قال الزجاج والطبرى: نعت مصدر محذوف تقديره الأنفال ثابتة لله والرسول، مع كراهتهم ثبوتا مثل إخراج ربك إياك من بيتك وهم كارهون، وأنه قال الأخفش: نعت لحقا، ويسهله تقاربهما وتقييد الإخراج للحق، وزعم بعض أن المعنى لا يتناسق على هذا، وأنه قيل خبر لمحذوف وهو أقرب من الذى قبله، أى هذه الحالة التى من تفنيد الغزاة كحال إخراجك للحرب فى الكراهية. اهـ بتصرف.
وقال الفراء: متعلق بمحذوف تقديره امض لأمر ربك فى الغنائم، ونفل من شئت وإن كرهوا كما أخرجك ربك وهم كارهون، أى ففى ذلك الخيرة فى الإخراج، فهو متعلق بامض، أو نفل ومعناه على، وعلقه الكسائى ومجاهد بيجادلونك، والجدال كراهة، وقيل: نعت لخبر لمحذوف، أى هذا المذكور من أن لهم درجات ومغفرة ورزقا كريما بما وعد حق، كما أخرجك، وقيل: المعنى وأصلحوا ذات بينكم، ذلك خير لكم كما أخرجك، وقال عكرمة: أطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، كما أخرجك ربك، أى الطاعة خير لكم كما كان الإخراج خيرا لكم، وقيل: متعلق بما تعلق به لهم، وقيل: الكاف اسم بمعنى إذا، أى واذكر يا محمد وهو باطل، وأولى الأقوال خامسها وساسها والبيت بيته بالمدينة، أو هو المدينة نفسها لأنها مهاجرة ومسكنة، وذلك قول الجمهور باحتماليه، وقال بعضهم: بيته بمكة أو مكة نفسه وهو قول يونس بن بكير، وبالحق متعلق بأخرج أو بمحذوف نعت لمصدر محذوف، أى إخراجا ملتبسا بالحق.
{ وإنَّ فَرِيقاً مِن المؤمنِينَ لكارِهُونَ } للقتال أو لخروجك إليه، وذلك لقلة المؤمنين وسلاحهم، وعدم تأهبهم وما كان فيهم إلا فارسان، وقي: ثلاثة، وكثرة العدو وسلاحهم، وهذا على أنه خرج من بيته بنية الجهاد، والجملة حال من ربك، أو من كاف أخرجك، والذى عندى أن الجملة مستأنفة لا حال، إلا إن جعلت مقدرة، وأن كراهيتهم للقتال بعد الخروج لا قبله أو عنده كما تراه فى القصة إن شاء الله.