التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ
١٦
كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ
١٧
-الفجر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَأَمَّا } مقابل لما مر قبله متصلط على ضمير الإنسان في ابتلاه وغلبه ورزقه فصحت المقابلة أو يقدر المبتدأ أي وأما هو *{ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ } ضيق أو أعطاه قدر الكفاية فيصير أو يجزع *{ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِي } أذلني بالفقر فليس ذلك كقولك الفاسد إما زيد فقائم وأما اليوم فإنه قاعد قيل لم يقل فأهانه فقدر عليه رزقه كما قال فأكرمه ونعمه لأن البسط إكرام من الله لعبده بإنعامه متفضلا من غير سابقة وأما التضييق فليس بإهانة له لأن الإخلال بالتفضل لا يكون إهانة ولكن تركا للكرامة وقد يكون المولى المخلوق مكرما لعبده ومهينا وغير مكرم ولا مهين وإذا أهدى لك زيد هدية قلت أكرمني بالهدية ولا تقول أهانني ولا كرمني إذا لم يهد إليك والتضييق قد يؤدي إلى إكرامة الدارين والتوسيع قد يفضي إلى الإنهماك في حب الدنيا والمعاصي ولذلك ردعه عن قوله أكرمني وقوله أهانني وذمه بقوله *{ كَلاَّ } مع أن قوله أكرمني موافق لقول الله تعالى فأكرمه وذلك أن الله تبث له الإكرام وأراد به الإعطاء على غير استحقاق وذمه الله على قوله أكرمني لأنه أراد به إن ربي أكرمني لأني أهل ومستحق للإكرام فلا منافات بين قوله تعالى فأكرمه وذمه للإنسان على قوله ربي أكرمني وردعه عنه ويجوز أن يكون الذم والردع بقوله كلا راجعين الى قوله أهانني يعني أنه إذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل إهانة مع أنه ليس بإهانة قيل ويقوي هذا ذكر الإكرام في قوله فأكرمه وشدد ابن عامر دال قدر وتثبيت ياء أكرمني وياء أهانني وصلا وأثبتها في الوصل والوقف البزي وحذفهما الكوفيون وابن عامر قيل وأبو عمر وصلا ووقفا وقيل عن أبي عمر أنه خير في الإثبات والحذف وصلا ووقفا وقياس قوله في رؤوس الآي يوجب حذفها ووقفها والكسر بديل الياء وتكتبان هما وياء الوادي بالحمرة عندها معشر المغاربة وفي بعض النسخ إسقاطها من أهانني والله قد يوسع على الكافر تقوية لعذابه ويضيق علي المؤمنين تقوية لتوابه وعن بعض أن المراد بالإنسان أمية ابن خلف الجمحي الكافر والمشهور أن المراد الجنس فإن المؤمن أيضا كثير ما توسوس نفسه بأن التضييق إهانة ولو اختص الخطاب بعده بالكفار وقيل المراد جنس الكفار *{ بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ } لا تعطونه حقه من الميراث قال مقاتل كان قدامة بن مضعون في حجر امية بن خلف فدفعه عن حقه والصحيح أن المراد العموم أي لا يتصدقون على اليتيم ولا يؤدون الحق الواجب في أموالهم له مع أن الله كرمهم بكثرة المال.