التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٢٨
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لَقدْ جَاءكُم رسُولٌ مِنْ أنفُسِكم } أو من جنسكم العربى القريشى، ومن جنسكم العربى، ويعلمون أنهم من ولد إسماعيل، ولا قبيلة من العرب إلا وفيها نسبه صلى الله عليه وسلم، ذكره ابن عباس، وما أصاب نسبه سفاح، إن هو إلا عقد كعقد الإسلام فانصروه أيها العرب، فشرفه شرف لكم، فحاسده كحاسد نفسه، وليس بأدناكم فتقولوا إنه ليس بأهل لذلك، مع أن الله هو الذى يعلم حيث يجعل الرسالة.
وروى أنه لبّ بنى هاشم الذين هم لبّ قريش، الذين هم لبّ كنانة الذين هم لبّ ولد إسماعيل وهكذا إلى آدم، وأن ربيعة ومضر من ولد معد بن عدنان، وإليه تنسب قريش، وآمنة ولو كانت قريشية لكنها لها نسب فى الأنصار، والأنصار من اليمن من ولد قحطان، ومع أنه من نسبكم قد جمع ذلك الشرف، وقد قرأ عبد الله بن فسيط بفتح الفاء: من أشرفكم وأفضلكم، ورويت هذه القراءة عن فاطمة أيضا، ورواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر أبو عمرو، وفى ذلك كله منة على العرب، وقال الزجاج: لقد جاءكم أيها الناس رسول من أنفسكم، أى جنسكم الآدمى، ولو كان من الملائكة لضعفتم عن الأخذ عنه.
{ عَزيزٌ } أى شديد نعت لرسول { عَليهِ } متعلق بعزيز { مَا } مصدرية { عَنِتُّم } أى تعبتم، والمصدر فاعل عزيز، أى شديد عليه عنتكم، أى يشق عليه أن تلقوا مكروها كجهنم، وقتل وأسر، أو عزيز خبر مقدم، والمصدر مبتدأ والجملة نعت.
{ حَريصٌ عليْكُم } على هدايتكم فى أمر الدين والدنيا { بالمؤمِنينَ } متعلق بقوله: { رَءوفٌ } وأسقط الأعمش وأهل الكوفة وأبو عمرو الواو { رَحيمٌ } الرأفة أشد الرحمة، وأبلغ فى الشفعة، وأرق، وقدمها للفاصلة، وإلا فالصفة العامة قبل الخاصة مثل: زيد متكلم فصيح، ولم يجمع الله سبحانه اسمين من أسمائه تعالى لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال: { رءوف رحيم } قاله الحسين ابن الفضل، ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم: الماحى، لأنه يمحو الكفر، والحاشر لأنه يحشر الناس على قدمه، والعاقب لأنه آخر الأنبياء.