التفاسير

< >
عرض

أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ
١٣
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ألاَ } تحضيض، أو الهمزة للإنكار لا للنفى، فيكون الكلام إنكارا لأن يكون عدم قتالهم جائزا، وعلى كل فلا يخفى ما فى ذلك من مبالغة { تُقاتِلونَ قَوما نَكثُوا أيْمانُهم } حِلْفانهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المؤمنين، على أن لا يعاونوا، فعاونوا على خزاعة، وهؤلاء الناكثون بعض من شمله العموم فى: { { وإن نكثوا أيمانهم } وقد فسره الكلبى بهم كما مر.
{ وَهمُّوا بإخْراجِ الرَّسُولِ } من مكة إذ اجتمعوا عليه فى دار الندوة كما مر، قاله السدى، ولا يرد عليه أنهم لم يهموا فقط، بل هموا وفعلوا، لأن الاقتصار على ذكرهم به لا يوجب أنهم لم يفعلوا، فالمراد هموا وفعلوا، بأن فعلوا ما خرج به، ولكن ذكر لهم فقط إيذانا بأن همهم بالإخراج موجب لقتالهم، فكيف وقد أخرجوا ولجواز أن يكون المراد هموا بالإخراج ولم يصلوا إليه، بل خرج بأمر الله، أو أوحى الله إليه أن يهاجر، وقال الحسن: قوم من اليهود نكثوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهموا بإخراجه من المدينة.
{ وهُم بَدءُوكُم أوَّل مَرةٍ } بالمقاتلة والمعاداة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بدأهم بالدعاء إلى الحق، وبالبرهان والإعجاز، والمراد أفعالهم بمكة بالنبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وقال مجاهد: المراد ما بدأت به قريش من معونة بنى بكر على خزاعة، وقال الطبرى: المراد فعلهم يوم بدر، وقد مرت قصته، وقيل: المراد فعل اليهود، وإذ نقضوا فى المدينة فما يمنعكم أيها المؤمنون أن تقاتلوهم بعد هذه البداية.
{ أتخْشَونَهم } وتتركون قتالهم، وهذا تقرير على الخشية وتوبيخ عليها إن خشيتموهم { فَالله أحقُّ أنْ تَخشَوهْ } فى أمره ونهيه، فقاتلوهم ولا تتركوا قتالهم، وأحق خبر المبتدأ وأن تخشوه على تقدير الباء متعلق بأحق، أى بأن تخشوا وأن تخشوه بدل اشتمال من اسم الجلالة، أو مبتدأ ثان، وأحق خبره، والجملة خبر الأول، وأجاز بعض أن يكون أحق مبتدأ، وأن تخشوه خبره.
{ إنْ كُنتُم مؤْمِنينَ } كأن قضية الإيمان أن لا تخشوا إلا الله، والمعنى إن كنتم مؤمنين إيمانا كاملا، وذلك إيذان بأنهم إن لم يقصروا خشيتهم على الله ولم يقاتلوهم فهم كغير المؤمنين.