التفاسير

< >
عرض

قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ
١٤
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قاتِلُوهُم يعذِّبهم اللهُ بأيْديكُم } قتلا وأسرا، هذا أمر أيضا بقتالهم مقرون بالوعد بالظفر، والمراد بالعذاب فى: { { وما كان الله ليعذبهم } الخ استئصالهم بنحو صيحة أو خسف أو حجارة، وقد يعم فى الدنيا غير المذنب كما مر، فلا منافاة بين الآيتين، وإسناد التعذيب إلى الله لأنه مخلوق له، وتعليقه بالأيدى لأنه كسب لها، وكذا إذا وقع تعذيب المؤمنين بأيدى الكفرة، فإن الله قد عذبهم بأيدى الكفرة، ولكن منعوا التعبير به لشفاعته، كما لا يقال: يا خالق الخنزير والغائط أو نحو ذلك مع أنه الخالق لها لا غيره.
{ ويُخْزِهم } يذلهم بذنوبهم { وينْصُرْكم عَليهِم } بالاستيلاء عليهم { ويَشْفِ صُدورَ قَومٍ مُؤمِنينَ } شبه إزالة ما حصل فى قلوب المؤمنين من فعل الكفرة بإزالة المرض، والمراد بقوم مؤمنين المؤمنون كلهم، ولو من لم يصبه الأذى من جهة الكفار، لأن المؤمنين كجسد واحد، يتضررون بما أصاب أدناهم فالتنكير للتعظيم، أو المراد قوم مخصوصون.
قال مجاهد، والسدى: هم مؤمنو خزاعة، وذلك أن قريشا نقضوا العهد، ونالت الحرب خزاعة منهم ومن بنى بكر، ثم شفى الله قلوبهم من بنى بكر يوم فتح مكة، قتلوا منهم معسم بن ضبابة فى خمسين رجلا،
"وذكر عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: كفوا السلاح إلا خزاعة من بنى بكر" وذكره البغوى، هكذا: "ارفعوا السيف إلا خزاعة من بنى بكر إلى العصر" أى فإن لخزاعة أن لا يرفعوا سيوفهم من بنى بكر إلى العصر، وقال ابن عباس: "هم بطون من اليمن وسبأ، قدموا مكة فأسلموا، فلقوا من أهلها أذى شديدا، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون إليه، فقال: أبشروا فإن الفرج قريب" .