التفاسير

< >
عرض

كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ فَمَا ٱسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَٱسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ
٧
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ كَيفَ } إنكارا يتضمن تعجيبا، وهو حال من عهد { يَكونُ للمشْركينَ } خبر يكون، والخبر كيف وللمشركين متعلق بيكون، أو حال من عهد { عَهدٌ عنْد اللهِ وعِنْد رَسُوله } متعلق بيكون، أو نعت لعهد قيل، أو متعلق به، ويجوز كونه الخبر، وكيف حال، وللمشركين متعلق بيكون، أو حال من عهد، والمعنى كيف يكون لهم عهد تمسكوا به مع توقد قلوبهم غيظا، أو كيف يكون لهم عهد يثبته الله ورسوله بالوفاء به لهم، وقد نقضوه.
{ إلاَّ الَّذينَ عَاهدْتُم عنْدَ المسْجِد الحَرامِ } هم بنو ضمرة، وبنو كنانة، وبنو مدلج، عاهدهم فى المسجد الحرام، وقيل: فى جهة قريبة منه عام الفتح. وعن ابن عباس: قريش، ورد بأن الآية نزلت بعد نقض قريش للعهد، وذلك قبل الفتح، وقال السدى، وابن عباد، وابن إسحاق: بنو جذيمة، وقال ابن إسحاق: قبائل بنى بكر، دخلوا وقت الحديبية فى المدة التى كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين قريش، فلم يكن نقض إلا من قريش، وبنى الدئل، فأمر الله بإتمام العهد لمن لم ينقضه وهو الصحيح.
وقال مجاهد: خزاعة، ورد بإسلامها عام الفتح، وعن ابن زيد فيما قال الطبرى: قريش، نزلت الآية فلم يستقيموا، بل نقضوا فنزل تأجيلهم أربعة الأشهر، ورد بأنهم وقت الأذان قد أسلموا، وكذا خزاعة، والذين بدل من المشركين فى قوله: { كيف يكون للمشركين } لأن الاستفهام فى ذلك للإنكار، نفى أو منصوب المحل على الاستثناء المتصل، قيل: أو مبتدأ خبره قوله:
{ فَمَا اسْتَقامُوا لكُم فاسْتَقيمُوا لَهم } فيكُون الاستثناء منقطعا، والاستقامة البقاء على العهد، والتعبير بها إشارة إلى أن نقضه قبيح كالعرج فى جسم، وما شرطية واقعة على الاستقامة مفعول مطلق للفعل بعدها، أى استقامة استقاموا لكم، فاستقيموا لهم، أو ظرفية مصدرية، فالفاء بعد ذلك زائدة، أى استقامتهم لكم استقيموا لهم، فاستقامة مصدر نائب عن ظرف الزمان، متعلق باستقيموا، كأنه قيل: استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم.
{ إنَّ اللهَ يُحبُّ المتَّقينَ } ومن التقوى مقامكم أيها المسلمون على العهد ما قام عليه أهل الشرك، ولا تقوى مع الشرك، فليس بقاء أهله على العهد تقوى.