التفاسير

< >
عرض

أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ
١٦
-البلد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } أي ذا تراب أي ذا لصوق بالتراب والمراد الفقر فإن الفقر لا يقه شيء من التراب وعن عطاء وسفيان المراد المطروح على ظهر الطريق قاعدا على التراب لا بيت له.
وعن ابن عباس هو الذي يخرج من بيته ثم يقلب وجهه ألى بيته مستيقنا أنه ليس له فيه إلا التراب، وعنه صلى الله عليه وسلم الذي مأواه المزابل وعنه من اعتق رقبة مسلمة كانت له فداء من النار عضو بعضو حتى الذكر بالذكر وفي رواية من رقبة مسلمة اتق الله لكل عضو منه عضوا من النار حتى فرجه بفرجه، وجاءه أعرابي وقال يا رسول الله علمني عملا يدخل الجنة فقال له لإن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة اعتق النسمة وفك الرقبة قال أولياء واحدا قال لا عتق الرقبة أن تنفرد بعنقها وفك الرقبة أن تعين في ثمنها فإن لم تطق فاطعم الجائع واسق الظمأن وامر بالمعروف وانهى عن المنكر وإن لم تطق فكف لسانك إلا من خير والمكاتب عندنا ناحر ولو لم يؤد ومعنى فكه إزالة ذل الدين عنه فلا دليل في ذلك الحديث على عبوديته، وإذا عممنا الآية فيه كما مر فالمراد أيضا إزالة الدل بإزالة الرق وبإزالة الأسر والدين. وفي رواية قال أعرابي يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة فقال
"تعتق النسمة وتفك الرقبة قال أوليس سواء قال لا اعتاقها أن تتفرد بعتقها وفكها أن تعين في تخليصها من قود أو عزم والعتق والصدقة من أفاضل الأعمال" وعن أبي حنيفة العتق أفضل من الصدقة وعند صاحبيه الصدقة أفضل قيل والآية أدل على قول أبي حنيفة لتقديم العتق ولا يعترض بنحو تقديم النار على الجنة في سورة الحشر لوضوح أن الجنة هي الخير دون النار فلم يعتد بتقديم النار في اللبس لأنها لا لبس وعن الشعبي في رجل عنده فضل نفقة أيضعه في ذي قرابة أو يعتق رقبة الرقبة أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من فك رقبة فك الله بكل عضو منها عضوا منه من النار" .
وعنه صلى الله عليه وسلم "أن الله لم يحب عبدا كما أحب عبدا برد جوع عبد" وعنه صلى الله عليه وسلم "من أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ومن كسى مسلما على عراء كساه الله من خضر الجنة" ، قال الحسن وقد علم الله أن أقواما يفعلون ذلك وليسوا بمؤمنين فاشترط فقال: { ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا }.