التفاسير

< >
عرض

وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ
٢
-البلد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَأَنْتَ } يا محمد *{ حِلٌّ } مقيم *{ بِهَذَا البَلَدِ } مكة، ومن جعل السورة مدنية فمعناه نازل بهذا البلد وكان هذا النزول يوم الفتح وبهذا زال الإشكال المذكور، وقال بعضهم نزلت السورة عام الفتح يوم الفتح أو نزلت الأربع الأوائل أيام إقامته بمكة عام الفتح.
وعن ابن عباس والجماعة وأنت حلال بهذا البلد يحل لك فيه قتل من شئت، وعنه صلى الله عليه وسلم
"أحلت لي ساعة من نهار" وذلك في يوم الفتح وقد أمر بقتل ابن خطل ولو وجد في أستار الكعبة وقيس بن صبابة وغيرهما وأحل دماء قوم وحرم دماء آخرين فقال بإشارة عنه العباس من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن وقال إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ولم تحل بأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار فهي حرام يحرمه الله إلى يوم القيامة عظم الله قدر مكة ووعد نبيه القتال فيها والأسر وذلك قبل الهجرة والجزاء بعدها يوم الفتح قال فلا يعضد شجرها ولا يختلي خلاءها أي لا يقطع رطب حشيشها أو لا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشدها فقال العباس إلا لاذخر يا رسول الله فإن لبيوتنا وقبورنا وكرر قوله فقال له لاذخر وهو حشيش طيب الرائحة، وقيل الآية من أولها لآخرها مكية قبل الهجرة كما مر وإن قوله حل بمعنى ساكن مقيم أو حلال لك فيها ما لا يحل لغيرك أي سيحل لك ومثله إنك ميت أي ستموت ولا سيما أن الأحوال المستقبلية عند الله كالحاضرة قال جار الله وكفاك قليلا على الإستقبال أن السورة بالإتفاق مكية وإنها قبل الهجرة من وقت نزولها مما قال بالفتح انتهى.
وأنت خبير بما في دعوى الإنفاق ووعده بذلك تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم واعترض بجملة { وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ } أو جاء به حالا إظهارا لمزيد فضله وإشعارا بأنه شرف المكان بشرف أهله وقيل أن قوله { وأنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ } معناه أنه يتعرضون لك فيه للقتل كما يتعرضون للصيد في غيرها أو المراد أنهم لا يتعرضون فيه للصيد ويتعرضون لك مع عظم حرمتك فهذا تعجب بحالهم.
قال شرحبيل يحرمون أن يقتلوا بها صيدا ويعضدوا بها شجرا ويستعجلون إخراجك وقتلك قيل وفي القسم ببلدة تسلية له.