التفاسير

< >
عرض

وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ
٩
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ
١٠
-الليل

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } الخصلة التي تؤدي للعسر والشدة كدخول النار وهي الأعمال الفاسدات بخذلان الله له وجعله ضيق الصدر في الخير.
وقيل العسرى النار وفي الآيتين طباق يسمى المقابلة وهو أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر ثم بما يقابل ذلك على الترتيب، واشترط السكاكي أن يشترط في المقابلات بكسر الباء ضد ما شرط في المتوافقات كالآيتين وإلا لم يسم بالمقابلة قابل أعطى بنحل واتقى بإستغنى وصدق بكذب واليسرى بالعسرى ولما جعل التيسير مشتركا بين الأربعة الأولى في الآية جعل ضده مشتركا بين الأربعة الأخيرة فيها وهو التيسير بقيد كونه للعسرى فإن تيسير بالعسرى تعسير وإن قلت أين التقابل بين اتقى واستغنى قلت موجود لكن بين اتقى ومسبب استغنى ولازمه وهو عدم الإتقاء فإن عدمه مسبب عن الإستغناء ولازم له والإستغناء سبب وملزوم له مثل ما مر في قوله جل وعلا
{ { أشداء على الكفار رحماء بينهم } }. والشقوة والسعدة أزليتان والعمل واجب مع ذلك "وعن علي كنا في بقيع الغردق" وفي رواية ببقيع الغردق وهو مقبرة المدينة "في جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا فنكس رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وجعل ينكث في الأرض أي يوثر ثم قال ما منكم من أحد ولا من نفس منفوسة إلا وقد كتب مكانها في الجنة أو النار وكتبت سعيدة أو شقية فقال رجل يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا هذا وندع العمل فمن كان من أهل السعادة فيصير اليها ومن كان من أهل الشقاوة فيصير إليها فقال أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة وتلا هذه الآية { فأما من أعطى }" إلي آخرها.
وفي رواية مسلم أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له وروي يصير في الموضعين من جواب النبي صلى الله عليه وسلم وروى هو والبخاري
"كنا في جنازة في بقيع الغردق فأتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه محضرة فنكس وجعل ينكث بمحضرته ثم قال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة" والمحضرة بكسر الميم ما يمسك باليد كالسوت والعصا.
وروي
"أن الرجلين من مزينة لما قالا ففيم العمل إذن يا رسول الله فقال اعملوا فكل ميسر بعمله الذي خلق له" قالا فالآن نجد ونعمل، وروي أن الأولى نزلت في أبي بكر والأخرى في أبي سفيان بن حرب وروي أن أبا بكر رضي الله عنه اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فاعتقه فنزل { والليل إذا يغشى } الخ في أبي بكر وفي أمية وقيل "كان لرجل من الأنصار نخلة وفروعها في دار رجل فقير ذي عيال فكان صاحب النخلة إذا صعد نخلته ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة فيأخذها صبيان ذلك الفقير فينزل الرجل من نخلته ويأخذ التمرة من أيديهم وإن وجدها في أحدهم أدخل أصبعه فأخرجها فشكى الفقير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقى الرجل فقال أتعطيني نخلتك التي فرعها في دار فلان ولك نخلة في الجنة فقال الرجل إن لي نخلة وما فيه أعجب إلي منها وذهب وسمع بذلك بوالد حداج وهو مسلم من الأنصار فقال لصاحب النخلة بعها لي في حائطي الذي في موضع كذا يعني جنانا فيه أربعون نخلة فقال هي لك فأتى بوالد حداج إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتريتها مني بنخلة في الجنة فقال نعم فقال هي لك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الفقير فقال خذها لك ولعيالك" فنزلت الآية. وهذا القول ضعيف لأن السورة مكية والقضية بالمدينة وأجيب بأن السورة عند صاحب ذلك اقول مدنية أو مكية ظهر حكمها بالمدينة ورجحوا أنها نزلت في أبي بكر وأمية لما يأتي بعده.