التفاسير

< >
عرض

وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ
٥
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ
٦
-الضحى

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } قال ابن عباس يعطيك الشفاعة في أمتك حتى ترضى قال المخالون قال إذن لا أرضى وواحد من أمتي في النار، وعنه صلى الله عليه وسلم "لكل نبي دعوة مستجابة تجعل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" ، قال المخالفون قال فهي نائلة من مات لا يشرك بالله شيئا إن شاء الله.
وعن عوف بن مالك عنه صلى الله عليه وسلم
"خيرني ربي بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة" قال المخالفون وقال فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا، قال جعفر بن محمد بن علي إنكم يا معشر أهل العراق تقولون ارجى آية في القرآن { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله } وأنا أهل البيت نقول أرجى آية فيه { { ولسوف يعطيك ربك فترضى } وقد علمت أن الشفاعة عند أصحابنا لا تنال إلا التائبين لما وضحناه في محله وإن داخل النار لا يخرج منها وقيل المراد بالآية ما يعطيه من النصر والتمكين وكثرة المؤمنين وقيل خير الدنيا والآخرة من النصر وكثرة المؤمنين والفتوحات والشفاعة وتفضيله وتفضيل أمته وغير ذلك مما لا يعلم كنهه إلا الله.
وروي عن ابن عباس أن له في الجنة ألف قصر من لؤلؤ أبيض ترابه المسك، واللام لام ابتداء بناءً على جواز دخولها على سوف والسين أو قد أو الفعل الجامد ومن منع ذلك قدر المبتدأ في ذلك أي لأنت سوف يعطيك ربك أو لام في جواب قسم مقدران أجزنا دخول لام جواب القسم على المضارع المجرد من نون التوكيد مطلقا أو من قرن بسوف أو السين أو قد واعترض كونها لام الإبتداء لأنها مع المبتدأ فقد مع الفعل وأن مع الإسم فكما لا يحذف الفعل والإسم ويبقيان بعد حذفهما إلا الفعل فقد يحذف بعد قد للوقف، كذلك لا يحذف المبتدأ وتبقى اللام وبأنه إذا قدر المبتدأ في نحو لسوف يقوم زيد يصير التقدير أن زيد سوف يقوم زيد ولا يخفى ما فيه من الضعف وبأنه يلزم إضمار لا يحتاج إليه الكلام وأجيب بأن قد يجوز حذف الفعل بعدها في الجملة واسم أن قد يحذف كقولهم إن بك زيد مأخوذ إذا رفع زيد أن من يدخل الكنيسة يوما وتكرار الظاهر إنما يفتح إذا صرح بهما وقد قدروا المبتدأ في نحو قمت وأصك عينه وفي نحو ومن عاد فينتقم الله منه وبعد اللام في نحو لا أقم لأجل الصناعة دون أصل المعنى ولو اختلف معنى الإسمية والفعلية نعم لا يحسن وقوع الظاهر موقع المضمور لغير نكتة كالتفخيم ولا يلزم من جعل اللام للإبتداء اجتماع دليل الحال ودليل الإستقبال لأن لام الإبتداء للحال إذا لم تقم قرينة الإستقبال وقد قامت فهي توكيد للمستقبل نحو لزيد سوف يقوم كما تؤكد الحال فقد أكدت في الآية للمستقبل وأفادت أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخر لمصلحة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما لقد سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته إياها قلت أي ربي سخرت الريح لسليمان وسخرت إحياء الموتى لعيسى وسخرت لفلان وسخرت لفلان ذكر جماعة من الرسل فأنزل الله *{ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَأَوَى } الخ تعديدا لما أنعم عليه تنبيها على أنه قد أحسن اليه كما أحسن للأنبياء قبله ولكنه لم يستقص له ذكر النعم كما هو العادة في ذكر النعم يذكر بعضها ويفهم الباقي وعلى أنه كما أحسن اليه فيما مضى يحسن اليه فيما يستقبل وإن تأخر فيصبر ويتسع صدره ويجد بمعنى يعلم فالكاف ويتيما مفعولاه أو بمعنى يلقاك فإن الله في كل مكان لا ككوننا فيتيما حال واليتيم لا أب كونه له بأن مات قبل بلوغه وقد مات أبوه وهو جنين له ستة أشهر والله أعلم وماتت أمه وهو ابن ثمان سنين بلا مال فأواك الله إلى عمك أبي طالب ضمك اليه وجعله مأواك وعطفه عليك وأحسن تربيتك وقد كان عند جده عبد المطلب ومات وكفله عمه إلى أن تزوج خديجة.
وقرئ أوي بلا مد يقال أواه بمعنى رحمه وأواه بمعنى أولاه، وفي المواهب لما تم لأمه من حملها شهران مات أبوه عبد الله وقيل مات وهو في المهد قاله الدولابي، وعن ابن أبي خيثمة وهو ابن شهرين، وقيل ابن سبعة أشهر وقيل ابن ثمانية وعشرين شهرا والراجح المشهور الأول، وقال أبو حيان بحره قيل لجعفر الصادق لم يتم النبي صلى الله عليه وسلم من أبويه أي ابيه وأمه فقال لأن لا يكون عليه حق لمخلوق، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم أربع سنين وقيل خمسا، قيل ستا وقيل سبعا وقيل تسعا وقيل إثنتي عشرة وشهرا وعشرة أيام ماتت أمه، ومن بدع التفاسير قوله يتيما من قولهم درة يتيمة أي لا نظير لها وهو لا نظير له في قريش أي وحيدا فيهم وأواه الله وأيده وشرفه بالنبوة واصطفاه بالرسالة.