التفاسير

< >
عرض

وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
٤
فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً
٥
-الشرح

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } بأن تذكر مع ذكري في الآذان والإقامة والتشهد والخطبة والدخول في الإسلام وقرن طاعتك بطاعتي وصلاتي عليك في ملائكتي وأمري بالصلاة وخطابي لك بالألقاب وذكري لك باسم النبوة والرسالة وذكرى لك في كتب الأولين وأخذي على الأنبياء والأمم كافة أن يؤمنوا بك ولا يجوز خطبة أو أذان أو إقامة أو صلاة إلا بك والشفاعة العامة لإراحة أهل الحشر وغير ذلك من الخصائص في الدنيا والآخرة فلا تكترث بأذى قريش فإن الذي فعل بك هذه النعم سيظفرك بهم ورفع الذكر حسن القائم بالأمور بالناس لكنه محبط بفيامه إن رأيا أو سمع والخمول حسن للمنفرد بالعبادة.
وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم
"أتاني جبريل فقال إن ربي وربك يقول أتدري كيف رفعت ذكرك قلت الله ورسوله أعلم قال يقول إذا ذكرتك ذكرتك معي" وعن ابن عباس المراد الأذان والإقامة والتشهد والخطب قال حسان:

أغر عليه للنبوة خاتم من الله مشهور بلوح ويشهد
وضم الإله إسم النبي مع اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد

وقيل أخذ الميثاق على الأنبياء وألزمهم الإيمان به والإقرار بفضله وقيل قرن اسمه وطاعته باسم الله وطاعته وإنما قال لك في الموضعين وعنك مع الإستغناء عن ذلك ليفيد المبالغة بالإبهام قبل الإيضاح فإنه إذا قيل مثلا ألم نشرح فهم أن ثم له مشروحا وإذا قيل صدرك أوضح ما علم مبهما وكان المشركون يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بالفقر حتى قالوا إن كان بك طلب الغنى جمعنا لك مالا حتى تكون كأيسر أهل مكة وزوجناك من أردت فاترك ما أنت فيه فاغتم وظن عصيانهم ورغبوا عن الإسلام لفقر أهله واحتقارهم فذكره ما أنعم به عليه وقال له:
*{ فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ } كضيق الصدر والوزر المنقض للظر وضلال القوم وإيذائهم وإهانتهم إياك وافتقارك وافتقار المسلمين *{ يُسْراً } كالشرح والوضع والتوفيق للهداية ورفع الذكر والنصر أو كأنه قال شرحنا صدرك ووضعنا وزرك ورفعنا ذكرك بعد أن لم تكن كذلك لأن مع العسر يسرا وإنما قال مع العسر مع أن اليسر بعد العسر لا معه تقريبا لليسر حتى كأنه حاضر مع العسر ونكر يسرا للتعظيم والتكثير فتح له القرى القريبة والبعيدة ذوات الأموال والقوة في زمانه وبعده حتى كان يعطي المائة من الإبل ويهب الهبة السنية وله اليسر في الآخرة أكبر من ذلك وذلك وعد للمؤمنين أيضا وكان القشري في البادية وألقى في روعه ما معناه أن الموت أولى لمن أصبح مغموما، ولما جن الليل هتف به قائل ما معناه يا هذا الذي تذكر همه واغتم في قلبه إذا اشتد بك الغم ففكر في ألم نشرح وحفظ كلامه وفرج عنه الله وقال قائل:

فلا تيأس إذا أعسرت يوما فقد أيسرت في الزمن الطويل
ولا تظنن بربك ظن سوء فإن الله أولى بالجميل
فإن العسر يتبعه يسرا وقول الله أصدق كل قيل