التفاسير

< >
عرض

تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ
٤
-الفيل

روح المعاني

{ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ } صفة أخرى لطير وعبر بالمضارع لحكاية الحال واستحضار تلك الصورة البديعة.

وقرأ أبو حنيفة وأبو يعمر وعيسى وطلحة في رواية (يرميهم) بالياء التحتية والضمير المستتر للطير أيضاً والتذكير لأنه اسم جمع وهو على ما حكى الخفاجي لازم التذكير فتأنيثه لتأويله بالجماعة وقيل يجوز الأمران وهو ظاهر كلام أبـي حيان وقيل الضمير عائد على { رَبُّكَ } [الفيل: 1] وليس بذاك ونسبة القراءة المذكورة لأبـي حنيفة رضي الله تعالى عنه حكاها في «البحر» وعن صاحب «النشر» أنه رضي الله تعالى عنه لا قراءة له وأن القراآت المنسوبة له موضوعة.

{ مّن سِجّيلٍ } صفة حجارة أي كائنة من طين متحجر معرب سنك كل وقيل هو عربـي من السجل بالكسر وهو الدلو الكبيرة ومعنى كون الحجارة من الدلو أنها متتابعة كثيرة كالماء الذي يصب من الدلو ففيه استعارة مكنية وتخييلية وقيل من الإسجال بمعنى الإرسال والمعنى من مثل شيء مرسل و(مِنْ) في جميع ذلك ابتدائية وقيل من السجل وهو الكتاب أخذ منه السجين وجعل علماً للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار والمعنى من جملة العذاب المكتوب المدون فمن تبعيضية.

واختلف في حجم تلك الطير وكذا في حجم تلك الحجارة فمن [قائل] إنها مثل الخطاطيف وإن الحجارة أمثال الحمص والعدس وأخرج أبو نعيم عن نوفل بن أبـي معاوية الديلمي أنه قال رأيت الحصى التي رمى بها أصحاب الفيل حصى مثل الحمص وأكبر من العدس حمر بحتمة كأنها جزع ظفار وأخرج أبو نعيم في «الدلائل» عن ابن عباس أنه قال حجارة مثل البندق وفي رواية ابن مردويه عنه مثل بعر الغنم وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبـي حاتم عن عبيد بن عمير أنه قال في الآية هي طير خرجت من قبلة البحر كأنها رجال السند معها حجارة أمثال الإبل البوارك وأصغرها مثل رؤوس الرجال لا تريد أحداً منهم إلا أصابته ولا أصابته إلا قتلته والمعول عليه أن الطير في الحجم كالخطاطيف وأن الحجارة منها ما هو كالحمصة ودوينها وفويقها وروى ابن مردويه وأبو نعيم عن أبـي صالح أنه مكتوب على الحجر اسم من رمى به واسم أبيه وأنه رأى ذلك عند أم هانىء.