التفاسير

< >
عرض

فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ
٣٩
-هود

روح المعاني

{ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } أي يفضحه أو يذله أو يهلكه، وهي أقوال متقاربة، والمراد بذلك العذاب الغرق { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ } حلول الدين المؤجل { عَذَابٌ مُّقِيمٌ } أي دائم وهو عذاب النار، و { مِنْ } عبارة عنهم، وهي موصولة في محل نصب مفعول للعلم، وهو بمعنى المعرفة فيتعدى إلى واحد. وجوز ابن عطية أن يراد العلم المتعدي إلى مفعولين لكنه اقتصر على واحد، وتعقبه في «البحر» ((بأنه لا يجوز حذف الثاني اقتصاراً لأن أصله خبر مبتدأ، ولا اختصاراً هنا لأنه لا دليل على حذفه)). / وقيل: إن { مِنْ } استفهامية مبتدأ، والجملة بعدها خبر، وجملة المبتدأ والخبر معلق عنها سادة مسد المفعول أو المفعولين. قيل: ولما كان مدار سخريتهم استجهالهم إياه عليه السلام في مكابدة المشاق الفادحة لدفع ما لا يكاد يدخل تحت الصحة على زعمهم من الطوفان ومقاساة الشدائد في عمل السفينة وكانوا يعدونه عذاباً قيل: بعد استجهالهم { فَسَوْفَ } الخ يعني أن ما أباشره ليس فيه عذاب لاحق بـي فسوف تعلمون من يعذب، ولقد أصاب العلم بعد استجهالهم محزه انتهى وهو ظاهر على تقدير حمل السخرية المنسوبة إليه عليه السلام على الاستجهال. ولعله يمكن إجراؤه على تقدير حملها على ظاهرها أيضاً بأدنى عناية فافهم، ووصف العذاب بالإخزاء لما في الاستهزاء والسخرية من لحوق الخزي والعار عادة والتعرض لحلول العذاب المقيم للمبالغة في التهديد، وفيه من المجاز ما لا يخفى، وتخصيصه بالمؤجل وإيراد الأول بالإتيان غاية الجزالة. وحكى الزهراوي أنه قرىء (يحل) بضم الحاء.