التفاسير

< >
عرض

وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ
٤٩
-إبراهيم

روح المعاني

{ وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ } عطف على { { بَرَزُواْ } [إبراهيم: 48]. والعدول إلى صيغة المضارع لاستحضار الصورة أو للدلالة/ على الاستمرار، وأما البروز فهو دفعي لا استمرار فيه وعلى تقدير حالية { بَرَزُواْ } فهو معطوف على { { تُبَدَّلُ } [إبراهيم: 48] وجوز عطفه على عامل الظرف المقدم على تقدير كونه ينجزه مثلاً { يَوْمَئِذٍ } يوم إذ برزوا لله تعالى أو يوم إذ تبدل الأرض أو يوم إذ ينجز وعده، والرؤية إذا كانت بصرية فالمجرمين مفعولها وقوله تعالى: { مُقْرَّنِينَ } حال منه، وإن كانت علمية فالمجرمين مفعولها الأول { مُقْرَّنِينَ } مفعولها الثاني.

والمراد قرن بعضهم مع بعض وضم كل لمشاركه في كفره وعمله كقوله تعالى: { { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوّجَتْ } [التكوير: 7] على قول، وفي المثل إن الطيور على أشباهها تقع، أو قرنوا مع الشياطين الذين أغووهم كقوله تعالى: { { فَوَرَبّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَـٰطِينَ } [مريم: 68] الخ أو قرنوا مع ما اقترفوا من العقائد الزائغة والملكات الرديئة والأعمال السيئة غب تصورها وتشكلها بما يناسبها من الصور الموحشة والأشكال الهائلة، أو قرنوا مع جزاء ذلك أو كتابه فلا حاجة إلى حديث التصور بالصور، أو قرنت أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم وجاء ذلك في بعض الآثار والظاهر أنه على حقيقته. ويحتمل ـ على ما قيل ـ أن يكون تمثيلاً لمؤاخذتهم على ما اقترفته أيديهم وأرجلهم، وأصل المقرن بالتشديد من جمع في قرن بالتحريك وهو الوثاق الذي يربط به { فِى ٱلأَصْفَادِ } جمع صفد ويقال فيه صفاد وهو القيد الذي يوضع في الرجل أو الغل الذي يكون في اليد والعنق أو ما يضم به اليد والرجل إلى العنق ويسمى هذا جامعة؛ ومن هذا قول سلامة بن جندل:

وزيد الخيل قد لا قى صفاداً يعض بساعد وبعظم ساق

وجاء صفد بالتخفيف وصفد بالتشديد للتكثير وتقول: أصفدته إذا أعطيته فتأتي بالهمزة في هذا المعنى، وقيل: صفد وأصفد معاً في القيد والإعطاء، ويسمى العطاء صفداً لأنه يقيد. ومن وجد الإحسان قيدا تقيداً. والجار والمجرور متعلق ـ بمقرنين ـ أو بمحذوف وقع حالاً من ضميره أي مصفدين، وجوز أبو حيان كونه في موضع الصفة لمقرنين.