التفاسير

< >
عرض

وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ
٦٦
-الحجر

روح المعاني

{ وَقَضَيْنَا } أي أوحينا { إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ } مقضياً مثبتاً فقضى مضمن معنى أوحى ولذا عدي تعديته، وجعل المضمن حالاً كما أشرنا إليه أحد الوجهين المشهورين في التضمين وذلك مبهم يفسره { أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ } على أنه بدل منه كما قال الأخفش، وجوز أبو البقاء كونه بدلاً من الأمر إذا جعل بياناً لذلك لا بدلاً، وعن الفراء أن ذاك على إسقاط الباء أي بأن دابر الخ، ولعل المشار إليه بذلك الأمر عليه الأمر الذي تضمنه قوله تعالى: { { وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } } [الحجر: 65] والباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال أي أوحينا ذلك الأمر المتعلق بنجاته ونجاة آله ملابساً لبيان حال قومه المجرمين من قطع دابرهم، وهو حسن إلا أنه لا يخلو عن بعد، وقرأ زيد بن علي، والأعمش رحمهم الله تعالى { إن } بكسر الهمزة وخرج على الاستئناف البياني كأنه قيل: ما ذلك الأمر؟ فقيل في جوابه: إن دابر الخ أو على البدلية بناء على أن في/ الوحي معنى القول، قيل: ويؤيده قراءة عبد الله (وقلنا إن دابر) الخ وهي قراءة تفسير لا قرآن لمخالفتها لسواد المصحف، والدابر الآخر وليس المراد قطع آخرهم بل استئصالهم حتى لا يبقى منهم أحد { مُّصْبِحِينَ } أي داخلين في الصباح فإن الأفعال يكون للدخول في الشيء نحو أتهم وأنجد، وهو من أصبح التامة حال من { هَـؤُلاءِ } وجاز بناء على أن المضاف بعضه، وقد قيل: بجواز مجيء الحال من المضاف إليه فيما كان المضاف كذلك، وليس العامل معنى الإضافة خلافاً لبعضهم، وكونه اسم الإشارة توهم لأن الحال لم يقل أحد إن صاحبها يعمل فيها، واختار أبو حيان كونه حالاً من الضمير المستكن في { مَقْطُوعٌ } الراجع إلى { دَابِرَ } وجاز ذلك مع الاختلاف إفراداً وجمعاً رعاية للمعنى لأن ذلك في معنى دابري هؤلاء فيتفق الحال وصاحبها جمعية. وقدر الفراء وأبو عبيد إذا كانوا مصبحين كما تقول: أنت راكباً أحسن منك ماشياً. وتعقب بأنه إن كان تقدير معنى فصحيح وإن كان بيان إعراب فلا ضرورة تدعو إلى ذلك كما لا يخفى.