التفاسير

< >
عرض

شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ٱجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
١٢١
-النحل

روح المعاني

{ شَاكِراً لأَنْعُمِهِ } صفة ثالثة لأمة ـ والجار والمجرور متعلق ـ بشاكراً ـ كما هو الظاهر، وأوثر صيغة جمع القلة قيل: للإيذان بأنه عليه السلام لا يخل بشكر النعمة القليلة فكيف بالكثيرة وللتصريح بأنه عليه السلام على خلاف ما هم عليه من الكفران بأنعم الله تعالى حسبما أشير إليه بضرب المثل، وقيل: إن جمع القلة هنا مستعار لجمع الكثرة ولا حاجة إليه. وفي بعض الآثار أنه عليه السلام كان لا يتغدى إلا مع ضيف فلم يجد ذات يوم ضيفاً فأخر غداءه فإذا هو بفوج من الملائكة عليهم السلام في صورة البشر فدعاهم إلى الطعام فخيلوا أن بهم جذاماً فقال: الآن وجبت مؤاكلتكم شكراً لله تعالى على أنه عافاني مما ابتلاكم به، وجوز أبو البقاء كون الجار والمجرور متعلقاً بقوله تعالى: { ٱجْتَبَـٰهُ } وهو خلاف الظاهر. وجعل بعضهم متعلق هذا محذوفاً أي اختاره واصطفاه للنبوة، وأصل الاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء، ويطلق على تخصيص الله تعالى العبد بفيض إلهي يتحصل له منه أنواع من النعم بلا سعي منه ويكون للأنبياء عليهم السلام ومن يقاربهم { وَهَداهُ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } موصل إليه تعالى وهو ملة الإسلام وليست نتيجة هذه الهداية ـ كما في "إرشاد العقل السليم" ـ مجرد اهتدائه عليه السلام بل مع إرشاد الخلق أيضاً إلى ذلك والدعوة إليه بمعونة قرينة الاجتباء. وجوز بعضهم كون { إِلَىٰ صِرٰطِ } متعلقاً ـ باجتباه وهداه ـ على التنازع، والجملة إما حال بتقدير قد على المشهور وإما خبر ثان لإن، وجوز أبو البقاء الاستئناف أيضاً.