التفاسير

< >
عرض

لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٥٥
-النحل

روح المعاني

{ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَـٰهُمْ } من نعمة الكشف عنهم، فالكفر بمعنى كفران النعمة واللام لام العاقبة والصيرورة، وهي استعارة تبعية فإنه لما لم ينتج كفرهم وإشراكهم غير كفران ما أنعم الله تعالى به عليهم جعل كأنه علة غائية له مقصودة منه، وجوز أن يكون الكفر بمعنى الجحود أي إنكار كون تلك النعمة من الله تعالى واللام هي اللام، والمعنيان متقاربان { فَتَمَتَّعُواْ } أمر تهديد كما هو أحد معاني الأمر المجازية عند الجمهور كما يقول السيد لعبده افعل ما تريد، والالتفات إلى الخطاب للإيذان بتناهي السخط. وقرأ أبو العالية { فيمتعوا } بضم الياء التحتية ساكن الميم مفتوح التاء مضارع متع مخففاً مبنياً للمفعول وروى ذلك مكحول الشامي عن أبـي رافع مولى النبـي صلى الله عليه وسلم، وهو معطوف (يكفروا) على أن يكون الأمران غرضاً لهم من الإشراك، ويجوز أن يكون لام { لِيَكْفُرُواْ } لام الأمر والمقصود منه التهديد بتخليتهم وما هم فيه لخذلانهم، فالفاء واقعة في جواب الأمر وما بعدها منصوب بإسقاط النون، ويجوز جزمه بالعطف أيضاً كما ينصب بالعطف إذا كانت اللام جارة { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبة أمركم وما ينزل بكم من العذاب، وفيه وعيد شديد حيث لم يذكر المفعول إشعاراً بأنه لا يوصف. وقرأ أبو العالية أيضاً { يعلمون } بالياء التحتية وروى ذلك مكحول عن أبـي رافع أيضاً.