التفاسير

< >
عرض

خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً
١٠٨
-الكهف

روح المعاني

{ خَالِدِينَ فِيهَا } نصب على الحالية وهي مقدرة عند البعض وحقق أنها حال مقارنة والمعتبر في المقارنة زمان الحكم وهو كونهم في الجنة وهم بعد حصولهم فيها مقارنون له إذ لا آخر له فتأمل ولا تغفل. { لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } هو ـ كما قال ابن عيسى وغيره ـ مصدر كالعوج والصغر والعود في قوله:

عادني حبها عودا

أي لا يطلبون عنها تحولاً إذ لا يتصور أن يكون شيء أعز عندهم وأرفع منها حتى تنازعهم إليه أنفسهم وتطمح عنه أبصارهم وان تفاوتت درجاتهم، والحاصل أن المراد من عدم طلب التحول عنها كونها أطيب المنازل وأعلاها، وقال ابن عطية: كأنه اسم جمع وكأن واحده حوالة ولا يخفى بعده، وقال الزجاج عن قوم: هو بمعنى الحيلة في التنقل وهو ضعيف متكلف، وجوز أن يراد نفي التحول والانتقال على أن يكون تأكيداً للخلود لأن عدم طلب الانتقال مستلزم للخلود فيؤكده أو لأن الكلام على حد:

ولا ترى الضب بها ينجحر

أي لا يتحولون عنها فيبغوه، وقيل في وجه التأكيد: أنهم إذا لم يريدوا الانتقال لا ينتقلون لعدم الإكراه فيها وعدم إرادة النقلة عنها فلم يبق إلا الخلود إذ لا واسطة بينهما كما قيل، والجملة حال من صاحب خالدين أو من ضميره فيه فتكون حالاً متداخلة، وفيها إيذان بأن الخلود لا يورثهم مللاً.