التفاسير

< >
عرض

يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً
١٢
-مريم

روح المعاني

{ يٰيَحْيَىٰ } على تقدير القول وكلام آخر حذف مسارعة إلى الإنباء بإنجاز الوعد الكريم أي فلما ولد وبلغ سناً يؤمر مثله فيه قلنا يا يحيـى { خُذِ ٱلْكِتَـٰبَ } أي التوراة، وادعى ابن عطية الإجماع على ذلك بناءً على أن ال للعهد ولا معهود إذ ذاك سواها فإن الإنجيل لم يكن موجوداً حينئذٍ وليس كما قال بل قيل له عليه السلام كتاب خص به كما خص كثير من الأنبياء عليهم السلام بمثل ذلك، وقيل: المراد بالكتاب صحف إبراهيم عليه السلام، وقيل: المراد الجنس أي كتب الله تعالى. { بِقُوَّةٍ } بجد واستظهار وعمل بما فيه، وقائل ذلك هو الله تعالى على لسان الملك كما هو الغالب في القول للأنبياء عليه السلام، وأبعد التبريزي فقدر قال له أبوه حين ترعرع ونشأ: يا يحيـى الخ، ويزيده بعداً قوله تعالى: { وَءاتَيْنَـٰهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً }. أخرج أبو نعيم وابن مردويه والديلمي عن ابن عباس عن النبـي صلى الله عليه وسلم أنه قال في ذلك: أعطي الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين، وجاء في رواية أخرى عنه مرفوعاً أيضاً قال الغلمان ليحيـى بن زكريا عليهما السلام: اذهب بنا نلعب فقال: أللعب خلقنا، اذهبوا نصلي فهو قوله تعالى: { وَءاتَيْنَـٰهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } والظاهر أن الحكم على هذا بمعنى الحكمة، وقيل: هي بمعنى العقل، وقيل معرفة آداب الخدمة، وقيل الفراسة الصادقة وقيل النبوة وعليه كثير قالوا: أوتيها وهو ابن سبع سنين أو ابن ثلاث أو ابن سنتين ولم ينبأ أكثر الأنبياء عليهم السلام قبل الأربعين، والجملة عطف على قلنا المقدر.