التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
١٥٦
-البقرة

روح المعاني

إشارة إلى أن الأجر لمن صبر وقت إصابتها، كما في الخبر "إنما الصبر عند أول صدمة" والمصيبة تعم ما يصيب الإنسان من مكروه في نفس أو مال أو أهل ـ قليلاً كان المكروه أو كثيراً ـ حتى لدغ الشوكة، ولسع البعوضة، وانقطاع الشسع، وانطفاء المصباح، وقد استرجع النبـي صلى الله عليه وسلم من ذلك وقال: "كل ما يؤذي المؤمن فهو مصيبة له وأجر" وليس الصبر بالاسترجاع باللسان، بل الصبر باللسان وبالقلب بأن يخطر بباله ما خلق لأجله من معرفة الله تعالى وتكميل نفسه، وأنه راجع إلى ربه وعائد إليه بالبقاء السرمدي، ومرتحل عن هذه الدنيا الفانية وتارك لها على علاتها، ويتذكر نعم الله تعالى عليه ليرى ما أعطاه أضعاف ما أخذ منه فيهون على نفسه ويستسلم له، والصبر من خواص الإنسان لأنه يتعارض فيه العقل والشهوة، والاسترجاع من خواص هذه الأمة، فقد أخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: قال النبـي صلى الله عليه وسلم: "أعطيت أمتي شيئاً لم يعطه أحد من الأمم، أن تقول عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون" وفي رواية: "أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئاً لم تعطه الأنبياء قبلهم، إنا لله وإنا إليه راجعون ولو أعطيها الأنبياء قبلهم لأعطيها يعقوب إذ يقول: { يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ }" [يوسف: 84] ويسن أن يقول بعد الاسترجاع: "اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها"، فقد أخرج مسلم عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني الخ، إلا أجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها" قالت فلما توفي أبو مسلم قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله تعالى لي خيراً منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومفعول { { بَشِّرِ } [البقرة: 155] محذوف أي برحمة عظيمة وإحسان جزيل - بدليل قوله تعالى: { أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ... }.