التفاسير

< >
عرض

خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً
١٠١
-طه

روح المعاني

{ خَـٰلِدِينَ فِيهِ } أي في الوزر المراد منه العقوبة. وجوز أن يكون الضمير لمصدر { يَحْمِلُ } } [طه: 100] ونصب { خَـٰلِدِينَ } على الحال من المستكن في { يَحْمِلُ } [طه: 100] والجمع بالنظر إلى معنى { مِنْ } لما أن الخلود في النار مما يتحقق حال اجتماع أهلها كما أن الإفراد فيما سبق من الضمائر الثلاثة بالنظر إلى لفظها { وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ حِمْلاً } إنشاء للذم على أن ساء فعل ذم بمعنى بئس وهو أحد معنييه المشهورين، وفاعله على هذا هنا مستتر يعود على { حِمْلاً } الواقع تمييزاً لاعلى وزراً لأن فاعل بئس لا يكون إلا ضميراً مبهماً يفسره التمييز العائد هو إليه وإن تأخر لأنه من خصائص هذا الباب والمخصوص بالذم محذوف والتقدير ساء حملهم حملاً وزرهم، ولام { لَهُمْ } للبيان كما في سقيا له و { هَيتَ لكَ } [يوسف: 23] وهي متعلقة بمحذوف كأنه قيل: لمن يقال هذا؟ فقيل: هو يقال لهم وفي شأنهم، وإعادة { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } لزيادة التقرير وتهويل الأمر، وجوز أن يكون { سَاء } بمعنى أحزن وهو المعنى الآخر من المعنيين؛ والتقدير على ما قيل وأحزنهم الوزر حال كونه حملاً لهم.

وتعقبه في «الكشف» بأنه أي فائدة فيه والوزر أدل على الثقل من قيده ثم التقييد بلهم مع الاستغناء عنه وتقديمه الذي لا يطابق المقام وحذف المفعول وبعد هذا كله لا يلائم ما سبق له الكلام ولا مبالغة في الوعيد / بذلك بعدما تقدم ثم قال: وكذلك ما قاله العلامة الطيبـي من أن المعنى وأحزنهم حمل الوزر على أن { حِمْلاً } تمييز واللام في { لَهُمْ } للبيان لما ذكر من فوات فخامة المعنى، وأن البيان إن كان لاختصاص الحمل بهم ففيه غنية، وإن كان لمحل الأحزان فلا كذلك طريق بيانه، وإن كان على أن هذا الوعيد لهم فليس موقعه قبل يوم القيامة وأن المناسب حينئذ وزراً ساء لهم حملاً على الوصف لا هكذا معترضاً مؤكداً انتهى. ولا مجال لتوجيه الإتيان باللام إلى اعتبار التضمين لعدم تحقق فعل مما يلائم الفعل المذكور مناسباً لها لأنها ظاهرة في الاختصاص النافع والفعل في الحدث الضار، والقول بازديادها كما في { رَدِفَ لَكُم } [النمل: 72] أو الحمل على التهكم تمحل لتصحيح اللفظ من غير داع إليه ويبقى معه أمر فخامة المعنى، والحاصل أن ما ذكر لا يساعده اللفظ ولا المعنى، وجوز أن يكون { سَاء } بمعنى قبح فقد ذكر استعماله بهذا المعنى وإن كان في كونه معنى حقيقياً نظر، و { حِمْلاً } تمييزاً و { لَهُمْ } حالاً و { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } متعلقاً بالظرف أي قبح ذلك الوزر من جهة كونه حملاً لهم في يوم القيامة وفيه ما فيه.