التفاسير

< >
عرض

يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً
١٠٣
-طه

روح المعاني

{ يَتَخَـٰفَتُونَ بَيْنَهُمْ } أي يخفضون أصواتهم ويخفونها لشدة هول المطلع، والجملة استئناف لبيان ما يأتون وما يذرون حينئذ أو حال أخرى من { { ٱلْمُجْرِمِينَ } [طه: 102]، وقوله تعالى: { إِن لَّبِثْتُمْ } بتقدير قول وقع حالاً من ضمير { يَتَخَـٰفَتُونَ } أي قائلين ما لبثتم في القبور { إِلاَّ عَشْراً } أي عشر ليال أو عشرة أيام، ولعله أوفق بقول الأمثل. والمذكر إذا حذف وأبقي عدده قد لا يؤتى بالتاء حكى الكسائي صمنا من الشهر خمساً، ومنه ما جاء في الحديث "ثمَّ أتبعه بستٍّ من شوال" فإن المراد ستة أيام، وحسن الحذف هنا كون ذلك فاصلة، ومرادهم من هذا القول استقصار المدة وسرعة انقضائها والتنديم على ما كانوا يزعمون حيث تبين الأمر على خلاف ما كانوا عليه من إنكار البعث وعده من قبيل المحالات كأنهم قالوا: قد بعثتم وما لبثتم في القبر إلا مدة يسيرة وقد كنتم تزعمون أنكم لن تقوموا منه أبداً، وعن قتادة أنهم عنوا لبثهم في الدنيا وقالوا ذلك استقصاراً لمدة لبثهم فيها لزوالها ولاستطالتهم مدة الآخرة أو لتأسفهم عليها لما عاينوا الشدائد وأيقنوا أنهم استحقوها على إضاعة الأيام في قضاء الأوطار واتباع الشهوات، وتعقب بأنهم في شغل شاغل عن تذكر ذلك فالأوفق بحالهم ما تقدم، وبأن قوله تعالى: { { لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَـٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ } [الروم: 56] صريح في أنه اللبث في القبور وفيه بحث. وفي «مجمع البيان» عن ابن عباس وقتادة أنهم عنوا لبثهم بين النفختين يلبثون أربعين سنة مرفوعاً عنهم العذاب.