التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ
١٢٣
-طه

روح المعاني

{ قَالَ } استئناف مبني على سؤال نشأ من الإخبار بأنه تعالى عامله بما عامله كأنه قيل: فماذا أمره بعد ذلك؟ فقيل: قال له ولزوجته { ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً } أي انزلا من الجنة إلى الأرض مجتمعين، وقيل: الخطاب له عليه السلام ولإبليس عليه اللعنة فإنه دخل الجنة بعد ما قيل له: { أُخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } [ص: 77] للوسوسة، وخطابهما / على الأول بقوله تعالى: { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } لما أنهما أصل الذرية ومنشأ الأولاد فالتعادي في الحقيقة بين أولادهما. وهذا على عكس مخاطبة اليهود ونسبة ما فعل ءاباؤهم اليهم. والجملة في موضع الحال أي متعادين في أمر المعاش وشهوات الأنفس. وعلى الثاني ظاهر لظهور العداوة بين آدم عليه السلام وإبليس عليه اللعنة وكذا بين ذرية آدم عليه السلام وذرية اللعين، ومن هنا قيل: الضمير لآدم وذريته وإبليس وذريته. وعزم بعضهم أنه لآدم وإبليس والحية والمعول عليه الأول ويؤيد ذلك قوله تعالى: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى } الخ أي بنبي أرسله إليكم وكتاب أنزله عليكم { فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ } وضع الظاهر موضع المضمر مع الإضافة إلى ضميره تعالى لتشريفه والمبالغة في إيجاب اتباعه. وأخرج الطبراني وغيره عن أبـي الطفيل أن النبـي صلى الله عليه وسلم قرأ { فمن ٱتبع هدى } { فَلاَ يَضِلُّ } في الدنيا { وَلاَ يَشْقَىٰ } في الآخرة، وفسر بعضهم الهدى بالقرآن لما أخرج ابن أبـي شيبة وعبد بن حميد وابن أبـي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في «شعب الإيمان» من طريق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أجار الله تعالى تابع القرآن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة ثم قرأ الآية، وأخرج جماعة عنه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ "من اتبع كتاب الله هداه الله تعالى من الضلالة في الدنيا ووقاه سوء الحساب يوم القيامة" .