التفاسير

< >
عرض

كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً
٣٣
وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً
٣٤
-طه

روح المعاني

غاية للأدعية الثلاثة الأخيرة فإن فعل [فيها] كل واحد منهما من التسبيح والذكر مع كونه مكثراً لفعل الآخر ومضاعفاً له بسبب انضمامه إليه مكثر له في نفسه أيضاً بسبب تقويته وتأييده إذ ليس المراد بالتسبيح والذكر ما يكون منهما بالقلب أو في الخلوات حتى لا يتفاوت حاله عند التعدد والانفراد بل ما يكون منهما في تضاعيف أداء الرسالة ودعوة المردة العتاة إلى الحق وذلك مما / لا ريب في اختلاف حاله في حالتي التعدد والانفراد فإن كلاً منهما يصدر عنه بتأييد الآخر من إظهار الحق ما لا يكاد يصدر عنه مثله حال الانفراد، و { كَثِيراً } في الموضعين نعت لمصدر محذوف أو زمان محذوف أي ننزهك عما لا يليق بك من الصفات والأفعال التي من جملتها ما يدعيه فرعون الطاغية ويقبله منه فئته الباغية من [ادعاء] الشركة في الألوهية ونصفك بما يليق بك من صفات الكمال ونعوت الجمال والجلال تنزيهاً كثيراً ووصفاً كثيراً أو زماناً كثيراً من جملته زمان دعوة فرعون وأوان المحاجة معه كذا في «إرشاد العقل السليم». وجوز أبو حيان كونه منصوباً على الحال أي نسبحك التسبيح في حال كثرته، وكذا يقال في الأخير وليس بذاك، وتقديم التسبيح على الذكر من باب تقديم التخلية على التحلية، وقيل: لأن التسبيح تنزيه عما يليق ومحله القلب والذكر ثناء بما يليق ومحله اللسان والقلب مقدم على اللسان، وقيل: إن المعنى كي نصلي لك كثيراً ونحمدك ونثني عليك كثيراً بما أوليتنا من نعمك ومننت به علينا من تحمل رسالتك، ولا يخفى أنه لا يساعده المقام.