التفاسير

< >
عرض

كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً
٩٩
-طه

روح المعاني

وقوله تعالى: { كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ } كلام مستأنف خوطب به النبـي صلى الله عليه وسلم بطريق الوعد الجميل بتنزيل أمثال ما مر من أنباء الأمم السالفة والجار والمجرور في موضع الصفة لمصدر مقدر أو الكاف في محل نصب صفة لذلك المصدر أي نقص عليك { مِنْ أَنْبَاء مَا قَدْ سَبَقَ } من الحوادث الماضية الجارية على الأمم الخالية قصاً كائناً كذلك القص المار أو قصاً مثل ذلك، والتقديم للقصر المفيد لزيادة التعيين أي كذلك لا ناقصاً عنه، و(من) في { مِنْ أَنْبَاء } إما متعلق بمحذوف هو صفة للمفعول أي نقص عليك نبأ أو بعضاً كائناً من أنباء. وجوز أن يكون في حيز النصب على أنه مفعول { نَقُصُّ } باعتبار مضمونه أي نقص بعض أنباء، وتأخيره عن { عَلَيْكَ } لما مر غير مرة من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر، ويجوز أن يكون { كَذٰلِكَ نَقُصُّ } مثل قوله تعالى: { كَذٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } [البقرة: 143] على أن الإشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعد، وقد مر تحقيق ذلك. / وفائدة هذا القص توفير علمه عليه الصلاة والسلام وتكثير معجزاته وتسليته وتذكرة المستبصرين من أمته صلى الله عليه وسلم.

{ وَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } كتاباً منطوياً على هذه الأقاصيص والأخبار حقيقاً بالتذكر والتفكر فيه والاعتبار، و { مِنْ } متعلق بآتيناك، وتنكير { ذِكْراً } للتفخيم، وتأخيره عن الجار والمجرور لما أن مرجع الإفادة في الجملة كون المؤتى من لدنه تعالى ذكراً عظيماً وقرآناً كريماً جمعاً لكل كمال لا كون ذلك الذكر مؤتى من لدنه عز وجل مع ما فيه من نوع طول بما بعده من الصفة. وجوز أن يكون الجار والمجرور في موضع الحال من { ذِكْراً } وليس بذاك، وتفسير الذكر بالقرآن هو الذي ذهب إليه الجمهور؛ وروي عن ابن زيد، وقال مقاتل: أي بياناً ومآله ما ذكر، وقال أبو سهل: أي شرفاً وذكراً في الناس، ولا يلائمه قوله تعالى: { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ... }.