التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ
٦٢
-الحج

روح المعاني

نعم الإشارة إلى الاتصاف في قوله تعالى: { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } فالمعنى ذلك الاتصاف بكمال القدرة الدال عليه قوله تعالى: { { يُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلنَّهَارِ } [الحج: 61] الخ وكمال العلم الدال عليه { { سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [الحج: 61] بسبب أن الله تعالى الواجب لذاته الثابت في نفسه وحده فإن وجوب وجوده ووحدته يستلزمان أن يكون سبحانه هو الموجد لسائر المصنوعان ولا بد في إيجاده لذلك حيث كان على أبدع وجه وأحكمه من كمال العلم على ما بين في موضعه، وقيل: إن وجوب الوجود وحده متكفل بكل كمال حتى الوحدة، أو المعنى ذلك الاتصاف بسبب أن الله تعالى الثابت الإلٰهية وحده ولا يصح لها إلا من كان كامل القدرة كامل العلم.

{ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ } إلهاً { هُوَ ٱلْبَـٰطِلُ } أي المعدوم في حد ذاته أو الباطل الإلٰهية، والحصر يحتمل أن يكون غير مراد وإنما جيء به للمشاكلة ويحتمل أن يكون مراداً على معنى أن جميع ما يدعون من دونه هو الباطل لا بعضه دون بعض. وقيل هو باعتبار كمال بطلانه وزيادة { هُوَ } هنا دون ما في سورة لقمان [30] من نظير هذه الآية لأن ما هنا وقع بين عشر آيات كل آية مؤكدة مرة أو مرتين ولهذا أيضاً زيدت اللام في قوله تعالى الآتي { { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ } [الحج: 64] دون نظيره في تلك السورة [لقمان: 26]، ويمكن أن يقال تقدم في هذه السورة ذكر الشيطان فلهذا ذكرت هذه المؤكدات بخلاف سورة لقمان فإنه لم يتقدم ذكر الشيطان هناك بنحو ما ذكر هٰهنا قاله النيسابوري، ويجوز أن يكون زيادة { هُوَ } في هذا الموضع لأن المعلل فيه أزيد منه في ذلك الموضع فتأمل.

{ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِىُّ } على جميع الأشياء { ٱلْكَبِيرُ } عن أن يكون له سبحانه شريك لا شيء أعلى منه تعالى شأناً وأكبر سلطاناً. وقرأ الحسن { وَإِن مَّا } بكسر الهمزة، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو بكر { تَدْعُونَ } بالتاء على خطاب المشركين. وقرأ مجاهد واليماني وموسى الأسواري { يدعون } بالياء التحتية مبنياً للمفعول على أن الواو لما فإنه عبارة عن الآلهة، وأمر التعبير عنها بما ثم إرجاع ضمير العقلاء إليها ظاهر فلا تغفل.