التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
٧٢
-الحج

روح المعاني

{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا } عطف على { { يَعْبُدُونَ } [الحج: 71] وما بينهما اعتراض، وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار التجددي، وقوله تعالى: { بَيّنَـٰتٍ } حال من الآيات أي واضحات الدلالة على العقائد الحقة والأحكام الصادقة أو على بطلان ما هم عليه من عبادة غير الله تعالى. { تَعْرِفُ فِى وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي في وجوههم، والعدول على نحو ما تقدم، والخطاب إما لسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم أو لمن يصح أن يعرف كائناً من كان { ٱلْمُنْكَرَ } أي الإنكار على أنه مصدر ميمي، والمراد علامة الإنكار أو الأمر المستقبح من التجهم والبسور والهيئات الدالة على ما يقصدونه وهو الأنسب بقوله تعالى: { يَكَـٰدُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا } / أي يثبون ويبطشون بهم من فرط الغيظ والغضب لأباطيل أخذوها تقليداً، ولا يخفى ما في ذلك من الجهالة العظيمة، وكان المراد أنهم طول دهرهم يقاربون ذلك وإلا فقد سطوا في بعض الأوقات ببعض الصحابة التالين كما في «البحر»، والجملة في موقع الحال من المضاف إليه، وجوز أن يكون من { الوجوه } على أن المراد بها أصحابها وليس بالوجه. وقرأ عيسى بن عمر { يُعْرَفُ } بالبناء للمفعول { ٱلْمُنْكَرَ } بالرفع.

{ قُلْ } على وجه الوعيد والتقريع { أَفَأُنَبّئُكُم } أي أخاطبكم أو أتسمعون فأخبركم { بِشَرّ مّن ذٰلِكُمُ } الذي فيكم من غيظكم على التالين وسطوكم عليهم أو مما أصابكم من الضجر بسبب ما تلي عليكم { ٱلنَّارِ } أي هو أو هي النار على أنه خبر مبتدأ محذوف والجملة جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: ما هو؟ وقيل هو مبتدأ خبره قوله تعالى: { وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهو على الوجه الأول جملة مستأنفة، وجوز أن يكون خبراً بعد خبر. وقرأ ابن أبـي عبلة وإبراهيم بن يوسف عن الأعشى وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما { ٱلنَّارِ } بالنصب على الاختصاص، وجملة { وَعَدَهَا } الخ مستأنفة أو حال من { ٱلنَّارِ } بتقدير قد أو بدونه على الخلاف، ولم يجوزوا في قراءة الرفع الحالية على الإعراب الأول إذ ليس في الجملة ما يصح عمله في الحال. وجوز في النصب أن يكون من باب الاشتغال وتكون الجملة حينئذٍ مفسرة. وقرأ ابن أبـي إسحاق وإبراهيم بن نوح عن قتيبة { ٱلنَّارِ } بالجر على الإبدال من { شر }، وفي الجملة احتمالا الاستئناف والحالية، والظاهر معنى أن يكون الضمير في { وَعَدَهَا } هو المفعول الثاني والأول الموصول أي وعد الذين كفروا إياها، والظاهر لفظاً أن يكون المفعول الأول والثاني الموصول كأن النار وعدت بالكفار لتأكلهم { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } النار.