التفاسير

< >
عرض

لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ
٦٥
-المؤمنون

روح المعاني

{ لاَ تَجْـئَرُواْ ٱلْيَوْمَ } على تقدير القول أي قلنا لهم ذلك، والكلام استئناف مسوق لبيان إقناطهم وعدم انتفاعهم بجؤارهم، والمراد باليوم الوقت الحاضر الذي اعتراهم فيه ما اعتراهم، والتقييد بذلك لزيادة إقناطهم والمبالغة في إفادة عدم نفع جؤارهم. وقال شيخ الإسلام: إن ذلك لتهويل اليوم والإيذان بتفويتهم وقت الجؤار؛ والمراد بالقول على ما قيل: ما كان بلسان الحال كما في قوله:

امتلأ الحوض وقال قطني

وجوز أن يراد به حقيقة القول وصدوره إما من الله تعالى وإما من الملائكة عليهم السلام، والظاهر على هذا الوجه أن يكون القول في الآخرة وكونه في الدنيا مع عدم إسماعهم إياه لا يخلو عن شيء، وتقديره فعل الأمر مسنداً إلى ضميره صلى الله عليه وسلم أي قل لهم من قبلنا لا تجأروا بعيد جداً، ومن الناس من جوز كون القول المقدر جواب { { إِذَا } [المؤمنون: 64] الشرطية وحينئذٍ يكون { { إِذَا هُمْ يَجْـئَرُونَ } [المؤمنون: 64] قيداً للشرط أو بدلاً من { إِذَا } [المؤمنون: 64] الأولى، وعلى الأول المعنى أخذنا مترفيهم وقت جؤارهم أو حال مفاجأتهم لجواز أن تكون { إِذَا } ظرفية أو فجائية حينئذٍ، ولم يجوز جعل النهي المذكور جواباً لخلوه / عن الفاء اللازمة فيه إذا وقع كذلك. وتعقب هذا القول بأنه لا يخفى أن المقصود الأصلي من الجملة الشرطية هو الجواب فيؤدي ذلك إلى أن يكون مفاجأتهم الجؤار غير مقصود أصلي.

وقوله تعالى: { إِنَّكُمْ مّنَّا لاَ تُنصَرُونَ } تعليل للنهي عن الجؤار ببيان عدم نفعه؛ و(من) ابتدائية أي لا يلحقكم منا نصرة تنجيكم مما أنتم فيه، وجوز أن تكون (من) صلة النصر وضمن معنى المنع أو تجوز به عنه أي لا تمنعون منا. وتعقب بأنه لا يساعده سباق النظم الكريم لأن جؤارهم ليس إلى غيره تعالى حتى يرد عليهم بعدم منصوريتهم من قبله تعالى ولا سياقه فإن قوله تعالى: { قَدْ كَانَتْ ءايَـٰتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ }.