التفاسير

< >
عرض

أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
٦٩
-المؤمنون

روح المعاني

{ أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ } إضراب وانتقال من التوبيخ بما ذكر إلى التوبيخ بوجه آخر، والهمزة لإنكار الوقوع أيضاً أي بل ألم يعرفوه عليه الصلاة والسلام بالأمانة والصدق وحسن الأخلاق إلى غير ذلك من الكمالات اللائقة بالأنبياء عليهم السلام. وقد صح أن أبا طالب يوم نكاح النبـي صلى الله عليه وسلم خطب بمحضر رؤساء مضر وقريش فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضىء معد وعنصر مضر وجعلنا حضنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتاً محجوجاً وحرماً آمناً وجعلنا الحكام على الناس ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلا رجح به فإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل وأمر حائل ومحمد من قد عرفتم قرابته وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي كذا وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل. وفي هذا دليل واضح على أنهم عرفوه صلى الله عليه وسلم بغاية الكمال وإلا لأنكروا قول أبـي طالب فيه عليه الصلاة والسلام ما قال.

{ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } الفاء سببية لتسبب الإنكار عن عدم المعرفة فالجملة داخلة في حيز الإنكار ومآل المعنى هم عرفوه بالكمال اللائق بالأنبياء عليهم السلام فيكف ينكرونه، واللام للتقوية، وتقديم المعمول للتخصيص أو الفاصلة، والكلام على تقدير مضاف أي منكرون لدعواه أو لرسالته عليه الصلاة والسلام.