التفاسير

< >
عرض

وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٥٦
-النور

روح المعاني

{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءاتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } جوز أن يكون عطفاً على { { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } [النور:54] داخلاً معه في حيز القول والفاصل ليس بأجنبـي من كل وجه فإنه وعد على المأمور به وبعضه من تتمته. وفي «الكشاف» ليس ببعيد أن يقع بين المعطوف والمعطوف عليه فاصل وإن طال لأن حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه والفاصل يؤكد المغايرة ويرشحها لأن المجاورة مظنة الاتصال والاتحاد فيكون تكرير الأمر بإطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام للتأكيد، وأكد دون الأمر بطاعة الله تعالى لما أن في النفوس لا سيما نفوس العرب من صعوبة الانقياد للبشر ما ليس فيها من صعوبة الانقياد لله تعالى ولتعليق الرحمة بها أو بالمندرجة هي فيه وهي الجمل الواقعة في حيز القول بقوله تعالى: { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } كما علق الاهتداء بالإطاعة في قوله تعالى: { { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ } [النور: 54] والإنصاف أن هذا العطف بعيد بل قال بعضهم: إنه مما لا يليق بجزالة النظم الكريم.

وجوز أن يكون عطفاً على { { يَعْبُدُونَنِى } [النور: 55] وفيه تخصيص بعد التعميم، وكان الظاهر أن يقال يعبدونني لا يشركون بـي شيئاً ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الرسول لعلهم يرحمون، لكن عدل عن ذلك إلى ما ذكر التفاتاً لخطاب لمزيد الاعتناء وحسنه هنا الخطاب في { { مّنكُمْ } [النور: 55]. وتعقب بأنه مما لا وجه له لأنه بعد تسليم الالتفات وجواز عطف الإنشاء على الإخبار لا يناسب ذلك؛ وكون الجملة السابقة حالاً أو / استئنافاً بيانياً. والذي أختاره كونه عطفاً على مقدر ينسحب عليه الكلام ويستدعيه النظام فإنه سبحانه لما ذكر { { وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } [النور: 55] فهم النهي عن الكفر فكأنه قيل: فلا تكفروا وأقيموا الصلاة الخ. وجوز أن يكون انفهام المقدر من مجموع ما تقدم من قوله تعالى: { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } [النور: 54] الخ، حيث إنه يوجب الأمر بالإيمان والعمل الصالح فكأنه قيل فآمنوا واعملوا الصالحات وأقيموا الخ، وجوز في { أَطِيعُواْ } أن يكون أمراً باطاعته صلى الله عليه وسلم بجميع الأحكام الشرعية المنتظمة للآداب المرضية، وأن يكون أمراً بالإطاعة فيما عدا الأمرين السابقين فيكون ذكره لتكميلهما كأنه قيل: وأطيعوا الرسول في سائر ما يأمركم به، وقوله تعالى: { لَعَلَّكُمْ } الخ متعلق بالأوامر الثلاثة، وجعل على الأول متعلقاً بالأخير