التفاسير

< >
عرض

فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ
٤٤
-الشعراء

روح المعاني

{ فَأَلْقَوْاْ حِبَـٰلَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ } أي وقد قالوا عند الإلقاء { بِعِزَّةِ فِرْعَونَ } أي بقوته التي يمتنع بها من الضيم من قولهم: أرض عزاز أي صلبة { إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } لا موسى عليه السلام، والظاهر أن هذا قسم منهم بعزته عليه اللعنة على الغلبة وخصوها بالقسم هنا لمناسبتها للغلبة / وقسمهم على ذلك لفرط اعتقادهم في أنفسهم وإتيانهم بأقصى ما يمكن أن يؤتى به من السحر. وفي ذلك إرهاب لموسى عليه السلام بزعمهم، وعدلوا عن الخطاب إلى الغيبة في قولهم { بِعِزَّةِ فِرْعَونَ } تعظيماً له، وهذا القسم من نوع أقسام الجاهلية، وقد سلك كثير من المسلمين في الإيمان ما هو أشنع من أيمانهم لا يرضون بالقسم بالله تعالى وصفاته عز وجل ولا يعتدون بذلك حتى يحلف أحدهم بنعمة السلطان أو برأسه أو برأس المحلف أو بلحيته أو بتراب قبر أبيه فحينئذ يستوثق منه، ولهم أشياء يعظمونها ويحلفون بها غير ذلك، ولا يبعد أن يكون الحلف بالله تعالى كذباً أقل إثماً من الحلف بها صدقاً وهذا مما عمت به البلوى ولا حوال ولا قوة إلا بالله تعالى العلي العظيم، وقال ابن عطية بعد أن ذكر أنه قسم: والأحرى أن يكون على جهة التعظيم والتبرك باسمه إذا كانوا يعبدونه كما تقول: إذا ابتدأت بشيء بسم الله تعالى وعلى بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك.