التفاسير

< >
عرض

قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ
٦٢
-الشعراء

روح المعاني

{ قَالَ } موسى عليه السلام ردعاً لهم عن ذلك وإرشاداً إلى أن تدبير الله عز وجل يغني عن تدبيره: { كَلاَّ } لن يدركوكم { إِنَّ مَعِىَ رَبّى } بالحفظ والنصرة { سَيَهْدِينِ } قريباً إلى ما فيه نجاتكم منهم ونصركم عليهم، ولم يشركهم عليه السلام في المعية والهداية إخراجاً للكلام على حسب ما أشاروا إليه في قولهم { { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } [الشعراء: 61] من طلب التدبير منه عليه السلام، وقيل: لما كان عليه السلام هو الأصل وغيره تبع له محفوظون منصورون بواسطته وشرفه وكرامته قال: { مَعِىَ } دون معنا وكذا قال: { سَيَهْدِينِ } دون سيهدينا، وقيل: قال ذلك جزاء لهم على غفلتهم عن قوله تعالى له عليه السلام { أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَـٰلِبُونَ } [القصص: 35] حتى خافوا فقالوا ما قالوا فإن الظاهر أنهم سمعوا ذلك من موسى عليه السلام في مدة بقائهم معه في مصر أو غفلتهم عن عناية الله تعالى بهم حين كانوا مع القبط في مصر حيث لم يصبهم ما أصابهم من الدم ونحوه من الآيات المقتضية بواسطة حسن الظن إنجاءهم منهم حين أمروا بالخروج فلحقوهم وكان تأديبه لهم على ذلك بمجرد عدم إشراكهم فيما ذكر لا أنه نفاه عنهم كما يتوهم من تقديم الخبر فإن تقديمه لأجل الاهتمام بأمر المعية التي هي مدار النجاة المطلوبة، وقيل: للحصر لكن بالنسبة إلى فرعون وجمعه، وقيل: على القول الثاني في توجيه عدم إشراكهم: إنه للحصر بالنسبة إليهم أيضاً على معنى إن معي أولاً وبالذات ربـي لا معكم كذلك، وقيل: قدم المعية هنا وأخرت في قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } [التوبة: 40] لأن المخاطب هنا بنو إسرائيل وهم أغبياء يعرفون الله عز وجل بعد النظر والسماع من موسى عليه السلام والمخاطب هناك الصديق رضي الله تعالى عنه وهو ممن يرى الله تعالى قبل كل شيء، ولاختلاف المقام نظم نبينا صلى الله عليه وسلم صاحبه معه في المعية ولم يقدم له ردعاً وزجراً وخاطبه على نحو مخاطبة الله تعالى له عليه الصلاة والسلام عند تسليته بما صورته النهي عن الحزن، وأتى بالاسم الجامع وهو لفظ الله دون اسم مشعر بصفة واحدة مثلاً ولم يكن كلام موسى عليه السلام ومخاطبته لقومه على هذا الطرز وسبحان من فضل بعض العالمين على بعض. وزعم بعضهم أن في الكلام حذفاً والتقدير إن معي وعد ربـي ولذلك قال: { مَعِىَ } دون معنا وفيه ما فيه.