التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ
٣٦
-القصص

روح المعاني

{ فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَىٰ بأَيَـٰتِنَا بَيّنَـٰتٍ } أي واضحات الدلالة على صحة رسالته عليه السلام منه عز وجل، والظاهر أن المراد بالآيات العصا واليد إذ هما اللتان أظهرهما موسى عليه السلام إذ ذاك وقد تقدم في سورة طه سر التعبير عنهما بصيغة الجمع { قَالُواْ مَا هَـٰذَا } الذي جئت به { إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى } أي سحر تختلقه لم يفعل قبله مثله فالافتراء بمعنى الاختلاق لا بمعنى الكذب أو سحر تتعلمه من غيرك ثم تنسبه إلى الله تعالى كذباً فالافتراء بمعنى الكذب لا بمعنى الاختلاق والصفة على هذين الوجهين مخصصة، وقيل: المراد بالافتراء / التمويه أي هو سحر مموه لا حقيقة له كسائر أنواع السحر، وعليه تكون الصفة مؤكدة والافتراء ليس على حقيقته كما في الوجه الأول. والحق أن من أنواع السحر ماله حقيقة فتكون الصفة مخصصة أيضاً.

{ وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } أي نوع السحر أو ما صدر من موسى عليه السلام على أن الكلام على تقدير مضاف أي بمثل هذا أو الإشارة إلى ادعاء النبوة ونفيهم السماع بذلك تعمد للكذب فقد جاءهم يوسف عليه السلام من قبل بالبينات وما بالعهد من قدم. ويحتمل أنهم أرادوا نفي سماع ادعاء النبوة على وجه الصدق عندهم وكانوا ينكرون أصل النبوات ولا يقولون بصحة شيء منها كالبراهمة وككثير من الإفرنج ومن لحس من فضلاتهم اليوم. والباء كما في «مجمع البيان» إما على أصلها أو زائدة أي ما سمعنا هذا { فِى ءابَائِنَا ٱلأَوَّلِينَ } أي واقعاً في أيامهم، فالجار والمجرور في موضع الحال من هذا بتقدير مضاف والعامل فيه سمعنا. وجوز أن يكون { بهذا } على تقدير بوقوع هذا، ويكون الجار متعلقاً بذلك المقدر، وأشاروا بوصف آبائهم بالأولين إلى انتفاء ذلك منذ زمان طويل.