التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ
٧١
-القصص

روح المعاني

{ قُلْ } تقريراً لما ذكر { أَرَءيْتُمْ } أي أخبروني، وقرأ الكسائي { أريتم } بحذف الهمزة { إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً } أي دائماً وهو عند البعض من السرد وهو المتابعة والاطراد والميم مزيدة لدلالة الاشتقاق عليه فوزنه فعمل ونظيره دلامص من الدلاص، يقال: درع دلاص أي ملساء لينة. واختار بعض النحاة أن الميم أصلية فوزنه فعلل لأن الميم لا تنقاس زيادتها في الوسط، ونصبه إما على أنه مفعول ثان لجعل أو على أنه حال من (الليل)، وقوله تعالى: { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } إما متعلق بسرمداً أو بجعل؛ وجوز أبو البقاء أيضاً تعلقه بمحذوف وقع صفة لسرمداً وجعله تعالى كذلك بإسكان الشمس تحت الأرض مثلاً.

وقوله تعالى: { مَنْ إِلَـهٍ } مبتدأ وخبر، وقوله سبحانه: { غَيْرُ ٱللَّهِ } صفة لإله، وقوله تعالى: { يَأْتِيكُمْ بِضِيَاء } صفة أخرى له عليها يدور أمر التبكيت والإلزام كما في قوله تعالى: { { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ } [يونس: 31] وقوله سبحانه: { فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَّعِينٍ } [الملك: 30] ونظائرهما خلا إنه قصد بيان انتفاء الموصوف بانتفاء الصفة، ولم / يؤت بهل التي هي لطلب التصديق المناسب بحسب الظاهر للمقام، وأتى بمن التي هي لطلب التعيين المقتضي لأصل الوجود لإيراد التبكيت والإلزام على زعمهم فإنه أبلغ كما لا يخفى، وجملة { مِنْ إِلَـهٍ } الخ قال أبو حيان: في موضع المفعول الثاني لأرأيتم وجعل (الليل) مما تنازع فيه (أرأيتم) و(جعل) وقال: إنه أعمل فيه الثاني فيكون المفعول الأول للأول محذوفاً، وحيث جعلت تلك الجملة في موضع مفعوله الثاني لا بد من تقدير العائد فيها أي من إله غيره يأتيكم بضياء بدله مثلاً، وجواب (إن) محذوف دل عليه ما قبله، وكذا يقال في الآية بعد، وعن ابن كثير أنه قرأ { بضآء } بهمزتين { أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } سماع فهم وقبول الدلائل الباهرة والنصوص المتظاهرة لتعرفوا أن غير الله تعالى لا يقدر على ذلك.