التفاسير

< >
عرض

إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ
١٢٤
-آل عمران

روح المعاني

{ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ } ظرف لِـ { نَصَرَكُمُ } [آل عمران: 123]، والمراد به وقت ممتد وقدم عليه الأمر بالتقوى إظهاراً لكمال العناية، وقيل: بدل ثان من { إِذْ غَدَوْتَ } [آل عمران: 121] وعلى الأول: يكون هذا القول ببدر، وعلى ذلك الحسن وغيره. وأخرج ابن أبـي شيبة وابن المنذر وغيرهما عن الشعبـي أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربـي يريد أن يمد المشركين فشق ذلك عليهم فأنزل الله تعالى { أَلَنْ يَكْفَيكُمْ } الخ فبلغت كرزاً الهزيمة فلم يمد المشركين. وعلى الثاني: يكون القول بأحد وكان مع اشتراط الصبر والتقوى عن المخالفة ولم يوجدا منهم فلم يمدوا، ونسب ذلك إلى عكرمة وقتادة في إحدى الروايتين عنه.

{ أَلَنْ يَكْفَيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءالَٰفٍ مّنَ ٱلْمَلَـٰئِكَةِ مُنزَلِينَ } الكفاية سد الحاجة وفوقها الغنى بناءاً على أنه الزيادة على نفي الحاجة والإمداد في الأصل إعطاء الشيء حالاً بعد حال، ويقال مد في السير إذا استمر عليه، وامتد بهم السير إذا طال واستمر، وعن بعضهم ما كان بطريق التقوية والإعانة يقال فيه أمده يمده إمداداً وما كان بطريق الزيادة يقال فيه: مده مداً، وقيل: يقال: مده في الشر وأمده في الخير والهمزة لإنكار أن لا يكفيهم ذلك، وأتى بلن لتأكيد النفي بناءاً على ما ذهب إليه البعض، وفيه إشعار بأنهم كانوا حينئذ كالآيسين من النصر لقلة عددهم وعددهم، وفي التعبير بعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين ما لا يخفى من اللطف وتقوية الإنكار، وأن يمدكم في تأويل المصدر فاعل بيكفيكم ومن الملائكة بيان أو صفة لآلاف أو لما أضيف إليه. ومنزلين صفة لثلاثة آلاف، وقيل: حال من (الملائكة) وفي وصفهم بذلك إشارة إلى أنهم من أشرف الملائكة وقد أنزلوا على ما ذكره الشيخ الأكبر قدس سره من السماء الثالثة وذكر سر ذلك في «الفتوحات»، وقرىء منزلين بالتشديد للتكثير أو للتدريج، وقرىء مبنياً للفاعل من الصيغتين على معنى منزلين الرعب في قلوب أعدائكم أو النصر لكم والجمهور على كسر التاء من ثلاثة، وقد أسكنت في الشواذ ووقف عليها بإبدالها هاءاً أيضاً على أنه أجرى الوصل مجرى الوقف فيهما ويضعف ذلك أن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد.