التفاسير

< >
عرض

وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ
١٤١
-آل عمران

روح المعاني

{ وَلِيُمَحّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } أي ليطهرهم من الذنوب ويصفيهم من السيئات. / وأصل التمحيص كما قال الخليل: تخليص الشيء من كل عيب يقال: محصت الذهب إذا أزلت خبثه. والجملة معطوفة على { يتخذ } [آل عمران: 140] وتكرير اللام للاعتناء بهذه العلة ولذلك أظهر الاسم الجليل في موضع الإضمار أو لتذكير التعليل لوقوع الفصل بينهما بالاعتراض. وهذه الأمور الثلاثة ـ كما قال مولانا شيخ الإسلام ـ علل للمداولة المعهودة باعتبار كونها على المؤمنين قدمت في الذكر لأنها المحتاجة إلى البيان. ولعل تأخير العلة الأخيرة عن الاعتراض لئلا يتوهم اندراج المذنبين في الظالمين أو لتقترن بقوله عز وجل: { وَيَمْحَقَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } لما بينهما من المناسبة حيث إن في كل من التمحيص و ـ المحق ـ إزالة إلا أن في الأول: إزالة الآثار وإزاحة الأوضار. وفي الثاني: إزالة العين وإهلاك النفس، وأصل ـ المحق ـ تنقيص الشيء قليلاً قليلاً ومنه المحاق والمعنى ويهلك الكافرين، ولا يبقى منهم أحداً ينفخ النار. وهذا علة للمداولة باعتبار كونها عليهم. والمراد منهم هنا طائفة مخصوصة وهم الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأصروا على الكفر فإن الله تعالى محقهم جميعاً، وقيل: يجوز أن يكون هذا علة للمداولة باعتبار كونها على المؤمنين أيضاً فإن الكفار إذا غلبوا أحياناً اغتروا وأوقعهم الشيطان في أوحال الأمل ووسوس لهم فبقوا مصرين على الكفر فأهلكهم الله تعالى بذنوبهم وخلدهم في النار.