التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ
٥١
-الروم

روح المعاني

{ وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً } أي النبات المفهوم من السياق كما قال أبو حيان، أو الأثر المدلول عليه بالآثار أو النبات المعبر عنه بل على ما قاله بعضهم، والنبات في الأصل مصدر يقع على القليل والكثير ثم سمي به ما ينبت، وقال ابن عيسى: الضمير للسحاب لأنه إذا كان مصفراً لم يمطر، وقيل: للريح وهي تذكر وتؤنث، وكلا القولين ضعيفان كما في «البحر». وقرأ جناح بن حبيش { مصفاراً } بألف بعد الفاء، واللام في { لَئِنْ } موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط، والفاء في { فَرَأَوْهُ } فصيحة.

واللام في قوله تعالى: { لَّظَلُّواْ } لام جواب القسم الساد مسد الجوابين؛ والماضي بمعنى المستقبل كما قاله أبو البقاء ومكي وأبو حيان وغيرهم، وعلل ذلك بأنه في المعنى جواب { إِن } وهو لا يكون إلا مستقبلاً، وقال الفاضل اليمني: إنما قدروا الماضي بمعنى المستقبل من حيث أن الماضي إذا كان متمكناً متصرفاً ووقع جواباً للقسم فلا بد فيه من قد واللام معاً فالقصر على اللام لأنه مستقبل معنى وفيه نظر، وقدروه بمضارع مؤكد بالنون أي وبالله تعالى لئن أرسلنا ريحاً حارة أو باردة فضربت زرعهم بالصفار فرأوه مصفراً بعد خضرته ونضارته ليظلن { مِن بَعْدِهِ } أي من بعد الإرسال أو من بعد اصفرار زرعهم، وقيل: من بعد كونهم راجين مستبشرين { يَكْفُرُونَ } من غير تلعثم نعمة الله تعالى، وفيما ذكر من ذمهم (بعدم تثبتهم) وسرعة تزلزلهم بين طرفي الإفراط والتفريط ما لا يخفى حيث كان الواجب عليهم أن يتوكلوا على الله سبحانه في كل حال ويلجؤا إليه عز وجل بالاستغفار إذا احتبس عنهم المطر ولا ييأسوا من روح الله تعالى ويبادروا إلى الشكر بالطاعة إذا أصابهم جل وعلا برحمته ولا يفرطوا في الاستبشار وإن يصبروا على بلائه تعالى إذا اعترى زرعهم آفة ولا يكفروا بنعمائه جل شأنه فعكسوا الأمر وأبوا ما يجديهم وأتوا بما يؤذيهم، ولا يخفى ما في الآيات من الدلالة على ترجيح جانب الرحمة على جانب العذاب فلا تغفل.