التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ
٢٤
-السجدة

روح المعاني

{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً } قال قتادة: رؤساء في الخير سوى الأنبياء عليهم السلام، وقيل: هم الأنبياء الذين كانوا في بني إسرائيل { يَهْدُونَ } بقيتهم بما في تضاعيف الكتاب من الحكم والأحكام إلى طريق الحق أو يهدونهم إلى ما فيه من دين الله تعالى وشرائعه عز وجل { بِأَمْرِنَا } إياهم بأن يهدوا على أن الأمر واحد الأوامر، وهذا على القول بأنهم أنبياء ظاهر، وأما على القول بأنهم ليسوا بأنبياء فيجوز أن يكون أمره تعالى إياهم بذلك على حد أمر علماء هذه الأمة بقوله تعالى: { { وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } [آل عمران: 104] الآية. وجوز أن يكون الأمر واحد الأمور والمراد يهدون بتوفيقنا { لَمَّا صَبَرُواْ } قال قتادة: على ترك الدنيا؛ وجوز غيره أن يكون المراد لما صبروا على مشاق الطاقة ومقاساة الشدائد في نصرة الدين، و { لَّمّاً } يحتمل أن تكون هي التي فيها معنى الجزاء نحو لما أكرمتني أكرمتك أي لما صبروا جعلنا أئمة، ويحتمل على تكون هي التي بمعنى الحين الخالية عن معنى الجزاء، والظاهر أنه حينئذ ظرف لجعلنا أي جعلناهم أئمة حين صبروا، وجوز أبو البقاء كونها ظرفاً ليهدون.

وقرأ عبد الله وطلحة والأعمش وحمزة والكسائي ورويس { لَّمّاً } بكسر اللام وتخفيف الميم على أن اللام للتعليل و(ما) مصدرية أي لصبرهم وهو متعلق بجعلنا أو بيهدون. وقرأ عبد الله أيضاً { بِمَا } بالباء السببية و(ما) المصدرية أي بسبب صبرهم.

{ وَكَانُواْ بِـايَـٰتِنَا } التي في تضاعيف الكتاب، وقيل: المراد بها ما يعم الآيات التكوينية، والجار متعلق بقوله تعالى: { يُوقِنُونَ } أي كانوا يوقنون بها لإمعانهم فيها النظر لا بغيرها من الأمور الباطلة، وهو تعريض بكفرة أهل مكة، والجملة معطوفة على { صَبَرُواْ } فتكون داخلة في حيز { لَّمّاً } وجوز أن تكون معطوفة على { جَعَلْنَا } وأن تكون في موضع الحال من ضمير { صَبَرُواْ }. والمراد كذلك لنجعلن الكتاب الذي آتيناكه أو لنجعلنك هدى لأمتك ولنجعلن منهم أئمة يهدون مثل تلك الهداية.