التفاسير

< >
عرض

يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ ٱلْغَفُورُ
٢
-سبأ

روح المعاني

وقوله تعالى: { يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِى ٱلأَرْضِ } الخ استئناف لتفصيل بعض ما يحيط به علمه تعالى من الأمور التي نيطت بها مصالحهم الدينية والدنيوية، وجوز أن يكون تفسيراً لخبير، وأن يكون حالاً من ضميره تعالى في { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ } [سبأ: 1] فيكون { لَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلأَخِرَةَ } اعتراضاً بين الحال وصاحبها أي يعلم سبحانه ما يدخل في الأرض من المطر { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } من النبات قاله السدي. وقال الكلبـي: ما يدخل فيها من الأموات وما يخرج منها من جواهر المعادن، والأولى التعميم في الموصولين فيشملان كل ما يلج في الأرض ولو بالوضع فيها وكل ما يخرج منها حتى الحيوان فإنه كله مخلوق من التراب.

{ وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } أي من الملائكة قاله السدي والكلبـي، والأولى التعميم فيشمل { مَا يَنزِلُ } المطر والثلج والبرد والصاعقة والمقادير ونحوها أيضاً { وَمَا يَعْرُجُ } الأبخرة والأدخنة وأعمال العباد وأدعيتهم ونحوها أيضاً، ويراد بالسماء جهة العلو مطلقاً ولعل ترتيب المتعاطفات كما سمعت إفادة للترقي في المدح، وضمن العروج معنى السير أو الاستقرار على ما قيل فلذا عدي بفي دون إلى، وقيل: لا حاجة إلى اعتبار التضمين والمراد بما يعرج فيها ما يعرج في ثخن السماء ويعلم من العلم بذلك العلم بما يعرج إليها من باب أولى فتدبر.

وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه والسلمي { ينزل } بضم الياء وفتح النون وشد الزاي أي الله كذا في «البحر». وفي «الكشاف» عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قرأ { نُنَزّلُ } بالتشديد ونون العظمة.

{ وَهُوَ } مع كثرة نعمته وسبوغ فضله { ٱلرَّحِيمُ ٱلْغَفُورُ } للمفرطين في أداء مواجب شكرها فهذا التذنيب مع كونه مقرراً للخبرة مفصل لما أجمل في قوله سبحانه: { { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [سبأ: 1] يعرف منه كيف كان كله نعمة وكالتبصر لأنواع النعم الكلية فكل منه ومن التذنيب السابق في موضعه اللاحق فلا تتوهم أن العكس أنسب.