التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ
٩٩
-الصافات

روح المعاني

{ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبّى } إلى حيث أمرني أو حيث أتجرد فيه لعبادته عز وجل جعل الذهاب إلى المكان الذي أمره ربه تعالى بالذهاب إليه ذهاباً إليه وكذا الذهاب إلى مكان يعبده تعالى فيه لا أن الكلام بتقدير مضاف، والمراد بذلك المكان الشام، وقيل مصر وكأن المراد إظهار اليأس من إيمانهم وكراهة البقاء معهم أي إني مفارقكم ومهاجر منكم إلى ربـي { سَيَهْدِينِ } إلى ما فيه صلاح ديني أو إلى مقصدي. والسين لتأكيد الوقوع لأنها في مقابلة لن المؤكد للنفي كما ذكره سيبويه. وبت عليه السلام القول لسبق وعده تعالى إياه بالهداية لما أمره سبحانه بالذهاب أو لفرط توكله عليه السلام أو للبناء على عادته تعالى معه/ وإنما لم يقل موسى عليه السلام مثل ذلك بل قال: { { عَسَىٰ رَبّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاء ٱلسَّبِيلِ } [القصص: 22] بصيغة التوقع قيل: لعدم سبق وعد وعدم تقدم عادة واقتضاء مقامه رعاية الأدب معه تعالى بأن لا يقطع عليه سبحانه بأمر قبل وقوعه، وتقديمه على رعاية فرط التوكل ومقامات الأنبياء متفاوتة وكلها عالية، وقيل لأن موسى عليه السلام قال ما قال قبل البعثة وإبراهيم عليه السلام قال ذلك بعدها، وقيل لأن إبراهيم كان بصدد أمر ديني فناسبه الجزم وموسى كان بصدد أمر دنيوي فناسبه عدم الجزم، ومن الغريب ما قيل ونحا إليه قتادة أنه لم يكن مراد إبراهيم عليه السلام بقوله: { إني } الخ الهجرة وإنما أراد بذلك لقاء الله تعالى بعد الإحراق ظاناً إنه يموت في النار إذا ألقي فيها وأراد بقوله: { سيهديني } الهداية إلى الجنة، ويدفع هذا القول دعاؤه بالولد حيث قال:{ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ }.