التفاسير

< >
عرض

قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ
٧٦

روح المعاني

{ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ } قيل هو جواب عن الاستفهام الأخير يؤدي مؤدى أنه كذلك أي هو من العالين على الوجه الأول وأنه ليس من الاستكبار سابقاً ولاحقاً في شيء على الوجه الثاني ويجري مجرى التعليل لكونه فائقاً إلا أنه لما لم يكن وافياً بالمقصود لأنه مجرد دعوى أوثر بيانه بما يفيد ذلك وزيادة وهو قوله: { خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } أما الأول: فظاهر وأما الثاني: فلأنه ذكر النوعين تنبيهاً على أن المماثلة كافية فضلاً عن الأفضلية ولهذا أبهم وفصل وقابل وآثر { خَلَقْتَنِي. وَخَلَقْتَهُ } دون أنا من نار وهو من طين ليدل على أن المماثلة في المخلوقية مانعة فكيف إذا انضم إليها خيرية المادة. وفيه تنبيه على أن الآمر كان أولى أن يستنكف فإنه أعني السجود حق الآمر، واستلطفه صاحب "الكشف" ثم قال: ومنه يعلم أن جواب إبليس من الأسلوب الأحمق.

وجعل غير واحد قوله: { أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ } جواباً أولاً وبالذات عن الاستفهام بقوله تعالى: { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ } [ص: 75] بادعاء شيء مستلزم للمانع من السجود على زعمه، وقوله: { خَلَقْتَنِي } الخ تعليلاً لدعوى الخيرية. وأياً ما كان فقد أخطأ اللعين إذ لا مماثلة في المخلوقية فمخلوقية آدم عليه السلام باليدين ولا كذلك مخلوقيته وأمر خيرية المادة على العكس في النظر الدقيق ومع هذا الفضل غير منحصر بما كان من جهتها بل يكون من جهة الصورة والغاية أيضاً وفضل آدم عليه السلام في ذلك لا يخفى، وكأن خطأه لظهوره لم يتعرض لبيانه بل جعل جوابه طرده وذلك قوله تعالى: { قَالَ فَٱخْرُجْ... }.