التفاسير

< >
عرض

تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ
١
-الزمر

روح المعاني

{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } قال الفراء والزجاج: هو مبتدأ وقوله تعالى: { مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } خبره أو خبر مبتدأ محذوف أي هذا المذكور تنزيل، و { مِنَ ٱللَّهِ } متعلق بتنزيل والوجه الأول أوجه كما في «الكشف». والكتاب القرآن كله وكأن الجملة عليه تعليل لكونه ذكراً للعالمين أو لقوله تعالى: { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } [ص: 88] والظاهر أن المراد بالكتاب على الوجه الثاني السورة لكونها على شرف الذكر فهي أقرب لاعتبار الحضور الذي يقتضيه اسم الإشارة فيها. و { تَنزِيلُ } بمعنى منزل أو قصد به المبالغة، وقدر أبو حيان المبتدأ هو عائداً على الذكر في { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ } [ص: 87] وجعل الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً كأنه قيل هذا الذكر ما هو؟ فقيل هو تنزيل الكتاب والكتاب عليه القرآن وفي { تَنزِيلُ } الاحتمالان، وجوز على احتمال كونه خبر مبتدأ محذوف كون { مِنَ ٱللَّهِ } خبراً ثانياً وكونه خبر مبتدأ محذوف أيضاً أي هذا أو هو تنزيل الكتاب هذا أو هو من الله وكونه حالاً من { ٱلْكِتَـٰبِ } وجاز الحال من المضاف إليه لأن المضاف مما يعمل عمل الفعل وكونه حالاً من الضمير المستتر في { تَنزِيل } على تقدير كونه بمعنى منزل وكونه حالاً من { تَنزِيلَ } نفسه والعامل فيه معنى الإشارة. وتعقب بأن معاني الأفعال لا تعمل إذا كان ما هي فيه محذوفاً ولذلك ردوا على المبرد قوله في بيت الفرزدق: وإذ ما مثلهم بشر أن مثلهم منصوب على الحالية وعامله الظرف المقدر أي ما في الوجود بشر مماثلاً لهم بأن الظرف عامل معنوي لا يعمل محذوفاً.

وقرأ ابن أبـي عبلة وزيد بن علي وعيسى { تَنزِيلَ } بالنصب على إضمار فعل نحو اقرأ والزم. والتعرض لوصفي العزة والحكمة للإيذان بظهور أثريهما في الكتاب بجريان أحكامه ونفاذ أوامره ونواهيه من غير مدافع ولا ممانع وبابتناء جميع ما فيه على أساس الحكم الباهرة.