التفاسير

< >
عرض

لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ
١٦
-الزمر

روح المعاني

وقوله تعالى: { لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ ٱلنَّارِ } إلى آخره نوع بيان لخسرانهم بعد تهويله بطريق الإبهام على أن { لَهُمْ } خبر لظلل و { مِنْ فَوْقِهِمْ } متعلق بمحذوف حال من ضميرها في الظرف المقدم لا منها نفسها لضعف الحال من المبتدأ، وجعلها فاعل الظرف حينئذٍ إتباع لنظر الأخفش وهو ضعيف، و { مِنَ ٱلنَّارِ } صفة لظلل. والكلام جار مجرى التهكم بهم ولذا قيل { لَهُمْ } وعبر عما علاهم من النار بالظلل أي لهم كائنة من فوقهم ظلل كثيرة متراكمة بعضها فوق بعض كائنة من النار { وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } كائنة من النار أيضاً، والمراد أطباق كثيرة منها وتسميتها ظللاً من باب المشاكلة. وقيل هي ظلل لمن تحتهم في طبقة أخرى من طبقات النار ولا يطرد في أهل الطبقة الأخيرة من هؤلاء الخاسرين إلا أن يقال: إنها للشياطين ونحوهم مما لا ذكر لهم هنا، وقيل: إن ما تحتهم يلتهب ويتصاعد منه شيء حتى يكون ظلة فسمي ظلة باعتبار ما آل إليه أخيراً وليس بذاك، والمراد أن النار محيطة بهم.

{ ذٰلِكَ } العذاب الفظيع { يُخَوّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ } يذكره سبحانه لهم بآيات الوعيد ليخافوا / فيجتنبوا ما يوقعهم فيه، وخص بعضهم العباد بالمؤمنين لأنهم المنتفعون بالتخويف وعمم آخرون. وكذا في قوله سبحانه: { يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ } ولا تتعرضوا لما يوجب سخطي، ويختلف المراد بالأمر على الوجهين كما لا يخفى. وهذه عظة من الله جل جلاله وعم نواله منطوية على غاية اللطف والرحمة. وقرىء { يا عِبَادِي } بالياء.