التفاسير

< >
عرض

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ
٣٠
-الزمر

روح المعاني

تمهيد لما يعقبه من الاختصام يوم القيامة. وفي «البحر» أنه لما لم يلتفتوا إلى الحق ولم ينتفعوا بضرب المثل أخبر سبحانه بأن مصير الجميع بالموت إلى الله تعالى وأنهم يختصمون يوم القيامة بين يديه وهو عز وجل الحكم العدل فيتميز هناك المحق والمبطل. وقال بعض الأجلة: إنه لما ذكرت من أول السورة إلى هنا البراهين القاطعة لعرق الشركة المسجلة لفرط جهل المشركين وعدم رجوعهم مع جهده صلى الله عليه وسلم في ردهم إلى الحق وحرصه على هدايتهم اتجه السؤال منه عليه الصلاة والسلام بعد ما قاساه منهم بأن يقول ما حالي وحالهم؟ فأجيب بانك ميت وإنهم ميتون الآية.

وقرأ ابن الزبير وابن أبـي إسحاق وابن محيصن وعيسى واليماني وابن أبـي غوث وابن أبـي عبلة { إنك مائت وإنهم مائتون } والفرق بين ميت ومائت أن الأول: صفة مشبهة وهي تدل على الثبوت ففيها إشعار بأن حياتهم عين الموت وأن الموت طوق في العنق لازم والثاني: اسم فاعل وهو يدل على الحدوث فلا يفيد هنا مع القرينة أكثر من أنهم سيحدث لهم الموت. وضمير الخطاب على ما سمعت للرسول صلى الله عليه وسلم قال أبو حيان: ويدخل معه عليه الصلاة والسلام مؤمنو أمته، وضمير الجمع الغائب للكفار وتأكيد الجملة في { إِنَّهُمْ مَّيّتُونَ } للإشعار بأنهم في غفلة عظيمة كأنهم ينكرون الموت وتأكيد الأولى دفعاً لاستبعاد موته عليه الصلاة والسلام، وقيل للمشاكلة، وقيل إن الموت مما تكرهه النفوس وتكره سماع خبره طبعاً فكان مظنة أن لا يلتفت إلى الإخبار به أو أن / ينكر وقوعه ولو مكابرة فأكد الحكم بوقوعه لذلك ولا يضر في ذلك عدم الكراهة في بعض لخصوصية فيه كسيد العالمين صلى الله عليه وسلم.