التفاسير

< >
عرض

وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ
٢٣
-فصلت

روح المعاني

{ وَذَلِكُمْ } إشارة إلى ظنهم المذكور في ضمن قوله سبحانه: { { ظَنَنتُمْ } [فصلت: 22] وما فيه من معنى البعد للإيذان بغاية بعد منزلته في الشر والسوء، وهو مبتدأ وقوله تعالى: { ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبّكُمْ } بدل منه، وقوله سبحانه: { أَرْدَاكُمْ } أي أهلككم خبره، وجوز أن يكون { ظَنُّكُمُ } خبراً و { أَرْدَاكُمْ } خبراً بعد خبر. ورده أبو حيان بأن { ذٰلِكُمْ } إشارة إلى ظنهم السابق فيصير التقدير وظنكم بربكم أنه لا يعلم ظنكم بربكم فما استفيد من الخبر هو ما استفيد من المبتدأ وهو لا يجوز كقولهم: سيد الجارية مالكها وقد منعه النحاة. وأجيب بأنه لا يلزم ما ذكر لجواز جعل الإشارة إلى الأمر العظيم في القباحة فيختلف المفهوم باختلاف العنوان ويصح / الحمل كما في هذا زيد، ولو سلم فالاتحاد مثله في قوله:

أنا أبو النجم وشعري شعري

مما يدل على الكمال في الحسن كما في هذا المثال أو في القبح كما في الجملة المذكورة، وقيل: المراد منه التعجب والتهكم، وقد يراد من الخبر غير فائدة الخبر ولازمها. واختار بعضهم في الجواب ما أشار إليه ابن هشام في «شرح بانت سعاد» وبسط الكلام فيه من أن الفائدة كما تحصل من الخبر تحصل من صفته وقيده كالحال، وجوز في جملة { أَرْدَاكُمْ } أن تكون حالاً بتقدير قد أو بدونه، والموصول في جميع الأوجه صفة { ظَنُّكُمُ } وقيل: الثلاثة أخبار فلا تغفل.

{ فَأَصْبَحْتُم } بسبب ذلك الظن السوء الذي أهلككم { مّنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } إذ صار ما أعطوا من الجوارح لنيل السعادة في الدنيا والآخرة لأن بها تعيشهم في الدنيا وإدراكهم ما يهتدون به إلى اليقين ومعرفة رب العالمين الموصل للسعادة الأخروية سبباً للشقاء في الدارين حيث أداهم إلى كفران نعم الرازق والكفر بالخالق والانهماك في الغفلات وارتكاب المعاصي واتباع الشهوات.